اعرف نفسك

واجه ذاتك بقلم الأسير كميل أبو حنيش

المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

اقرأ لتجد ما يستصعب على الذات العثور ... اقرأ لتواجه اغتراب الحياة ونرجسيتها... واكتب لتستولد لنا أبجديتك وتصف لنا عوالمك؛ فالقراءة مصباحك في ظلمة مناجمك الداخلية أما الكتابة فمن بين أسطرها نستخرج لك خامات معادن الحياة واختلافاتها من بين الصخور، لكي تكون ثورياً عليك أن لا تهرب  من العالم، ويتعين عليك أن تواجه عالماً يتشدق بالفضيلة، وحتى يكون بمقدورك المواجهة لا بأس من الهروب إلى ذاتك قليلاً أثناء الهدنات القصيرة لكي تتزود بالذخيرة اللازمة للمواجهة، وأثناء الحروب إلى ذاتك يتعين عليك أن تسلك الدرب الصحيح، وتسلك الطرق السليمة كي لا تتوه وتخدعك الطرقات؛ فلكي تتحرر من ذاتك عليك أن تزور ذاتك بلا انقطاع لتخرج منها نفاياتها التي تتراكم مع كل يوم حياة، ولتشذب أشجار بساتينك لتظل خضراء مزهرة... تسر الناظرين... تداوي جراحك وتسكن أوجاعك، وتربي الأمل، وأما إذا أهملت ذاتك على طريق الثورجيين الذين يتشدقون بنكران الذات، فإن الجفاف سيضرب جذورهم وتتعفن أرواحهم وتخرج ديدانهم، وعندها سينقلبون على النقيض متوحشين في ذاتهم وانتماءهم، عندئذ سيكون الموضوع سوى قشرة رقيقة تستر عورتهم ( اعرف نفسك) قالها فيلسوف الفلاسفة سقراط وهي دعوة برسم الاستكشاف الذاتي بكل ما ينطوي عليه هذه العبارة من أرقى أشكال المعرفة، ويسوع قبل أن يصبح أضحية العالم قبل أن ينتمي بجلال إلى عالم المحرومين... قبل أن ينبثق سلاح المحبة ويغزو به العالم غاص بذاته عميقاً واكتشف المسالك والدروب التي سلكها جميع الانبياء والمصلحين وثوار العالم المنتمين  لذات الطريق، لذلك اسلك مع السالكين وتسلح بسلاحهم وواجه هذا العالم، ولكن قبل ذلك واجه ذاتك أولاً.