في #معركة_الحرية الأسيرين وائل الجاغوب وكميل ابو حنيش يكتبون

مواجهة الاستثناء قبل أن يكون قاعدة

0d3f4d4a63fb00
المصدر / بقلم الأسيرين وائل الجاغوب وكميل ابو حنيش

إن تحويل الأسير بلال كايد إلى الاعتقال الإداري بعد انتهاء محكوميته البالغة أربعة عشر عاماً ونصف هي بمثابة إجراء يؤشر إلى سياسة جديدة قديمة ستجد طريقها للتطبيق وتصبح سياسة ممنهجة؛ ومؤشرات على ما سيواجهه المناضل الفلسطيني الأسير خلال المرحلة القادمة من تصعيد للهجمة وتوسيع الإجراءات وتعزيز القوانين العنصرية، في محاولة من مصلحة السجون لجعل السجون مواقع لإحباط عزائم الأسرى وتدمير الشخصية، وليست مواقع للإعداد والانطلاق منها لاستكمال مهمة النضال خارج الأسر، وهو الذي حاولت مصلحة السجون على مدار سنوات طوال أن تعرقل ذلك من خلال ممارساتها وتصعيدها ضد الأسرى الفلسطينيين والعرب.

وفي سبيل فهم ما حصل مع الرفيق بلال والتوقف أمامه ملياً وقراءته جيداً والاجتهاد في أسبابه وتداعياته، يجب علينا التطرق إلى العناوين التالية:

العزل الانفرادي والاعتقالي الإداري:

صعدّت إدارة مصلحة السجون خلال العام الأخير من سياسة العزل الانفرادي للعشرات من الأسرى، حيث يتواجد أكثر من 20 أسيراً داخل زنازين العزل الانفرادي، والأخطر في هذه السياسة هو محاولة استهداف الأسرى الفاعلين قبل الإفراج عنهم كما حدث مع الرفيق بلال كايد، وكانت هناك محاولة أخرى لعزل مناضل آخر قبل موعد الإفراج عنه، في ظل استمرار تهديد أسرى آخرين بالعزل، وهو السبب الرئيسي لاستمرار لتكثيف مصلحة السجون من عزل الحالات القيادية في داخل الأسر لما تمثله من حالة تحدي مباشر للاحتلال ومصلحة سجونه، وكذلك الحال في اتباع سياسة الاعتقال الإداري ضد الأسرى في محاولة منها لاستهداف الوعي، وما يُطلق عليه ( سياسة الردع)، وهذا يندرج أيضاً ضمن أسلوب يمكن تسميته" ثقافة الانتقام".

والمشهد الاعتقالي الحالي وحالة الغليان التي تشهدها السجون تشير إلى رغبة العدو في استخدام هذه السياسة بشكل أكثر اتساعاً، والتهديد بتحويل أسرى بعد انتهاء محكوميتهم من الاعتقال الإداري. ولذلك فإن شكل التفاعل والتعامل مع قضية بلال ستكون هامة من ناحية تطبيق هذه السياسة ضد مناضلين آخرين أو التراجع عنها بالحد الأدنى وتقليص استخدامها، وهو مرتبط أيضاً بنتائج وشكّل دعم بلال كايد ورفاقنا في ساحات الأسر.

إرادة النضال بعد الأسر

لطالما لعبت ساحات الأسر دوراً هاماً ومتقدماً في ضوء التجربة النضالية الفلسطينية، وهو ما يدركه العدو جيداً، ويجعل الأسرى في دائرة الاستهداف الدائم، وهو ما يتضح من خلال تهديد الأسرى بالعزل، أو الاعتقال الإداري بعد انتهاء محكومياتهم، خوفاً من أن ينقلوا تجربتهم النضالية وممارساتهم المقاومة داخل الأسر إلى الخارج، وبالأخص الجانب المرتبط بالإعداد والتربية الوطنية، وقد تحوّلت بالفعل ساحات الأسر إلى موقع نضال وطني، وبالأخص في السجون التي يتواجد فيها أسرى الأحكام المتوسطة مثل ( عوفر، مجدو، النقب)، والإجراءات ضد الأسرى يمكن تلمسّها من خلال الاستهداف المتواصل والذين لم يتوقف يوماً وفي ظل إجراءات ومضايقات مثل مصادرة الكتب والتشديد على الأسرى المهتمين بمجال التعليم، والعاملين من أجل خلق وبناء الكادر لدى الأسرى.

وتجدر الإشارة إلى أن الكادرات التي خرجت إبان الانتفاضة بعد اندلاعها، أو من خلال صفقة التبادل الكبرى عام 1985 قد لعبوا دوراً قيادياً في الانتفاضة وفعالياتها ومقارعة العدو، مستفيدين من تجربتهم النضالية التي اكتسبوها داخل الأسر، لذلك فإن استهداف الأسرى تأتي على رأس سلم أولويات كومة اليمين الفاشية وهو ما يجعلها تصدر قوانين وتنفذ إجراءات ضد الأسرى وتضييق الخناق عليهم.

حالة عدم الاستقرار

إيجاد حالة من عدم الاستقرار على كافة الصعد وهو ما نلاحظه في المستجدات الأخيرة والتصعيد الصهيوني باتت مهمة واضحة تقوم إدارة مصلحة السجون بتطبيقها من خلال المداهمات الدائمة للأقسام والغرف، فضلاً عن الإجراءات اليومية بحق السجون والاقسام، واليوم تتوج هذه الممارسات بتقييد حركة كل اسير وتحذيره من مغبة العزل الانفرادي، أو التحويل الإداري لكل من تقترب محكوميته من الانتهاء كما فعلت مع الأسير بلال كايد. وهذا ما يجعل السجون تعيش حالة مستمرة من عدم الاستقرار، ويتزامن مع ذلك حملة استدعاءات متواصلة من قبل ضباط مخابرات الاحتلال للأسرى المحررين في مناطقهم، وتهديدهم وإيصال رسالة لهم، بأن أي محاولة للعودة للمقاومة والمشاركة بالفعاليات ضد الاحتلال، أو القيام بأي فعل لتغيير الوضع القائم أو ممارسة دور مناهض للاحتلال يعني إعادة الاعتقال مرة أخرى وتحويله للاعتقال الإداري.

لكن علينا أن ندرك جيداً أن الاستهداف الأخير للأسرى الفاعلين ومنهم الرفيق بلال كايد المضرب عن الطعام في مواجهة قرار الاعتقال الإداري، سببه حالة التصدي والتحدي ومواجهة سياسة الاحتلال من قبل هؤلاء الأسرى. ومن أجل ذلك يجب علينا جميعاً التصدي لهذه السياسة الخطيرة بمعناها الأوسع كجزء من التصدي للسياسات التي يتعرض لها الأسرى جميعاً والنضال من أجل الحرية لكل الأسرى والمناضلين.

وبهذه القاعدة والمعنى الأوسع والأشمل للمواجهة ضد مصلحة السجون يجب دعمها وإسنادها على كافة الصعد من قبل الحركة الوطنية الأسيرة، وفي الخارج يجب أن يكون هناك التفاف شعبي ورسمي حول هذا الحراك. وهو ما يجعل التساؤل حول ما هو المطلوب لكي يرتقي الحراك ليشمل الحركة الوطنية الأسيرة بمجملها، ولحد يتجاوز إضراب في بعض السجون، أو التحرك الفردي، وما يخوضه بشكل خاص، فالمطلوب من أجل دعم قضية الأسير بلال كايد وهو ما سيلفت الانتباه لقضية الاعتقال الإداري هو:

أولاً: ضرورة تشكيل هيئة على المستوى الدولي بشكل عام، تضع برنامج نضالي شامل تحت شعار(مناضلون ضد العزل والقهر الإداري)، تكون مهمتها الأولى صوغ برنامج نضالي يوازيه ضغط إعلامي يومي بهدف تحقيق حرية الأسرى الإداريين، ومثال على ذلك النضال من أجل اطلاق سراح الأسير الرفيق المضر عن الطعام بلال كايد.

ثانياً: تنظيم فعاليات قرب السجون بمشاركة القيادات الفلسطينية في الداخل المحتل ولجنة المتابعة في الداخل وخاصة امام سجن الرملة، للضغط المستمر على الاحتلال لانهاء معاناة بلال كايد ورفاقه.

ثالثاً: عدم جعل ادارة مصلحة السجون وضباط مخابرات الإحتلال بريئين، بل يجب فضح ممارساتهم وملاحقتهم قضائياً بحيث يشعرون ان ممارساتهم وانتهاكهم لحقوق الأسرى ستفعل ملاحقتهم في كل المحافل، ومن هنا يجب أن تساهم المؤسسات الفلسطينية المعنية بتوثيق ممارسات الاحتلال، وبكشف أسماء هؤلاء الضباط وملاحقتهم أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب.

رابعاً: إطلاق بوستر بشعار "الحرية لبلال كايد" وتوزيعه بشكل كبير وإلصاقه على زجاج السيارات وفي الشوارع وطباعته على البلايز.

خامساً: ان يكون يوم الجمعة الأخير في رمضان يوم للتضامن مع الأسرى قولاً وفعلاً.

سادساً: مطالبة السلطة ومنظمة التحرير بإعادة الاعتبار للحركة الوطنية الأسيرة من خلال تنظيم فعاليات داعمة ومساندة متواصلة، فضلاً عن تنظيم جولة  دولية بمشاركة عائلة الأسير بلال كايد لتوضيح معاناة الأسرى ويكون عنوانها الحرية للأسرى.

سابعاً: عقد مؤتمر صحفي اسبوعي لتناول مستجدات إضراب بلال وتحركات الأسرى المساندة له.

ثامناً: الضغط باتجاه فتح ملف الأسرى والاعتقال الاداري في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وفضح سياسة الاحتلال، والعمل بجدية على نقل هذه الملف لمحكمة الجنايات الدولية.

إن هذه التصورات التي نقترحها هي الأهم باتجاه تفعيل قضية الأسير بلال كايد خصوصاً، والأسرى الإداريين والمعزولين عموماً، من أجل محاولة ردع الاحتلال عن محاولته لجعل هذه السياسة قاعدة في التعامل مع المناضلين وهو ما يجب ثنيه عنه لما يحمل من خطورة عالية وهذا يستدعي منها مواجهة هذه السياسة الإجرامية بكل السبل.

                                    ( انتهى)