بقلم الأسير وائل الجاغوب

بين الصليب الأحمر والأسرى وذويهم

وائل الجاغوب
المصدر / وائل الجاغوب – منظمة فرع الجبهة الشعبية في سجون الاحتلال

منذ عدة سنوات والصليب الأحمر الدولي يعمل على تقليص خدماته تجاه الأسرى في السجون والمعتقلات، خاصة الخدمات التي كان يوفرها من (أدوات رياضية، وإدخال بعض الصحف والروايات الثقافية، وأدوات التسلية)، إضافة إلى تقليص عدد الزيارات الدورية وإدخال الأطباء إلى السجون..الخ.

يندرج ذلك في سياق إبلاغ الأسرى من قبل المؤسسة بتقليص الزيارة لمرة واحدة شهرياً، وتبرر ذلك بأعداد العائلات التي تزور أبنائها دورياً، والموازنة المالية.

 ومن هذا الأساس، بات من الضروري إيضاح جملة من الأمور يبدو أن الصليب قد تجاوزها حين اتخذ قراره:

  1.  منذ بداية العدوان على غزة 2014 تم فرض عقوبات في موضوع الزيارة على الأسرى المنتمين لحركة حماس، ومن يتواجد معهم في ذات الأقسام من فصائل الشعبية والديمقراطية والجهاد، والحديث يدور عما يقارب 2000 أسير سُمح لهم بالزيارة مرة واحدة شهرياً، ولم نسمع صوت الصليب الأحمر لا من جنيف ولا من فلسطين يحاول تسليط الضوء على هذه المعاناة، وعلى هذا الإجراء التعسفي.
  2. سياسة المنع الأمني لأقارب من الدرجة الأولى من زيارة أبنائهم داخل السجون، وهذه السياسة تطال كافة الأسرى، فلا يوجد أسير لا يطاله المنع من زيارة أفراد عائلته من زوجة، أخت، أم، أولاد، وهناك مئات الأسرى يصدر تصريح زيارة لأحد منهم، ولا يحاول الصليب الأحمر أن يقوم بدوره فاعلاً في هذا الصعيد، عدا عن دوره التنسيقي فلا حاجة لاتخاذ قرار بهذا الشأن.
  3. منع أسرى من الزيارات 6 شهور، حيث أن عقوبة المنع من الزيارة تتم لدى ممارسة الأسرى سياسة الدفاع عن أنفسهم وكرامتهم، حيث أن عقوبة منع الزيارة 6 أشهر طالت غالبية الأسرى، إضافة إلى إصدار قرارات منع زيارة بحق أسرى محددين كما حدث مع الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات حيث استمر منعه من زيارة أبناء عائلته عاماً ونصف بشكل متواصل، ولم يصدر الصليب موقف حول هذه السياسة.
  4. سياسة التعذيب والتنكيل التي يتعرض لها عائلات الأسرى على الحواجز، وأمام بوابة السجون من تفتيش وانتظار وتمزيق تصاريح الزيارة، وإجراءات تجعل يوم الزيارة رحلة معاناة حقيقية، لم يرى الصليب أنها تحتاج لاتخاذ موقف من قبله؟!.
  5. منع الأسرى من السجون من إدخال الأحذية والمواد العينية عبر الزيارات، وتقليص المسموح بإدخاله، وترك الأسرى فريسة لشركات السوق الحرة الإسرائيلية لتحدد لهم أسعار المنتوجات الاستهلاكية دون حسيب أو رقيب، هذه الإجراءات لم تلفت نظر الصليب الأحمر بأنها جريمة استنزاف اقتصادي بحق الأسرى وعائلاتهم.
  6. منع الأقارب من الدرجة الثانية من الزيارة، والسماح فقط لأقارب مختارين من الدرجة الأولى، لم ير بها الصليب أنها انتهاك لحقوق الاسرى، وعزل وفصل لهم، وعقاب آخر لهم، لم نسمع منهم موقفاً حيال هذا الأمر.
  7. عدم السماح بأي وسيلة تواصل غير الزيارة مرة واحدة شهرياً، وتحريم الاتصال الهاتفي مع الأسرى الفلسطينيين. لم يعطي الصليب رأيه حولها بأنها انتهاك لحقوق الأسير الإنسانية والسياسية.
  8. المنع الأسرى المعزولين من زيارة عائلاتهم حيث لا يسمح فقط لأكثر من عشرين أسير موجودين في العزل الانفرادي من زيارة ذويهم، دون اعتراض أو شكوى أو تقرير أو اصدار بيان من الصليب باعتبار ذلك انتهاك سافر لحقوق الانسان.
  9. زيارة أسرى أبناء غزة التي منعها لأكثر من خمس سنوات واستؤنفت عام 2012 على اثر اضراب مفتوح عن الطعام للأسرى استمر 28 يوماً أتاح مرة واحدة كل شهرين لأقارب مختارين من الدرجة الأولى بالزيارة. إن هذه الإجراءات لم تجبر الصليب أن يتخذ موقفاً منها على مدار سنوات.
  10. هناك عشرات من أمهات الاسرى اللواتي لا يستطعن زيارة أبنائهن لأسباب صحية، كان المفترض من الصليب توفير وسائل نقل ملائمة مهمة، أو الضغط لتواجد أبنائهم في سجون قريبة من مناطق السكن. لم نجد الصليب يسلط الضوء على هذه المعاناة، ولا يوجد لديهم جدية في توفير وسائل لتجاوزها.

إن ما ذكر عبر النقاط السابقة فيما يتعلق بالزيارة وإجراءات الصليب بخصوصها تعيدنا بذاكرتنا إلى عروض إدارة السجون على الأسرى عام 2013 بتوفير الزيارة مرة واحدة شهرياً للجميع مقابل تحسينات لشروط الحياة اليومية، وهذا ما رفضه الأسرى نهائياً، وقد تم لاحقاً الاستجابة لمطالب الاسرى بقرار بالزيارة مرتين شهرياً، حيث تحقق هذا الرفض وهذا الإنجاز بمعاناة الاسرى وإضرابهم لأشهر رغم ممارسات مصلحة السجون بحقهم، وفرضها عقوبات عليها، واليوم نجد الصليب الأحمر يتوافق مع إدارة مصلحة السجون فيما يتعلق بزيارة العائلات بذات الأسلوب الذي حاولت مصلحة السجون فرضه. إن هذه الخطوة تخدم مباشرة سياسة مصلحة السجون العامة بعزل الأسرى، والحد من كل أشكال تواصلهم مع العالم الخارجي. بذات الوقت هناك تساؤل مشروع حول توقيت هذا الإجراء وتزامنه مع بداية حملة شرسة تشنها مصلحة السجون ضد الأسرى من خلال حملات تفتيش، ونقل من الأقسام خاصة في سجون رامون، ايشيل، نفحة، واستخدام وحدات قمع، وتأكيد إدارة السجون أن هذه السياسة ستتصاعد خلال الأشهر القادمة وستتسع وتشمل خطوات أخرى؟!

تجدر الإشارة هنا إلى أن مداهمة السجون تمت أيام الزيارات وأبلغت إدارة السجون الصليب بتأجيلها مسبقاً، الذي أشار بدوره أن التأجيل جاء على اثر قرار إدارة مصلحة السجون إجراء تصليحات في الأقسام؟!.

إن قرار منظمة الصليب الأحمر يعتبر خطوة تقتضي منا بالضرورة الوقوف أمامها سواء عبر الفعاليات الجماهيرية أمام مقرات الصليب، ورفع العرائض، أو من خلال التحرك الرسمي على مستوى الفصائل وم.ت.ف والسلطة، والإيضاح بأن مثل هكذا قرارات تعسفية من الصليب يجب أن يترتب بالضرورة عليها خطوات فلسطينية؛ فالتسليم بالقرار يعني التسليم بقرارات أخرى ستليها، وسيكون هذا القرار مكمل لحلقة استهداف الحركة الأسيرة، وعزل الاسرى وقطع التواصل المحدود لهم، ولذلك فإن تحميل الصليب المسئولية بالضرورة يجب أن يكون واضح في المرحلة القادمة وجزء من عملية استهداف شامل للأسرى في السجون. ونحتاج الآن إلى نقاش جاد يشكّل نضال من أجل حماية الأسرى.