أعياد ميلاد مؤجلة..

نضال أبو عكر 17 عامًا في الاعتقال الإداري

عيد ميلاد.jpeg
المصدر / مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان

مركز حنظلة_فلسطين المحتلة

في العام 2019، كان محمد أبو عكر - الابن الأكبر للمعتقل الإداري نضال أبو عكر - مضربًا عن الطعام في سجون الاحتلال رفضًا لاعتقاله الإداري، وفي اليوم التاسع والعشرين للإضراب، أكمل محمد عامه الــ 25، دون احتفالات بعيد الميلاد، ودون أحاديث الأصدقاء حول المنشورات الرقم المميز لعيد الميلاد، ودون أن يحلم مع أصدقائه وعائلته بأمنياته للعام القادم، بل أمضى عيده في زنازين العزل، بالكاد يقوى على الوقوف.

بعد ثلاث سنوات تخللتها اعتقالات متكررة للأب والابن وكثير من الأحداث التي غُيّب عنها نضال نتيجة لاعتقالاته، تتكرر القصة مرة أخرى بنفس التفاصيل لكن هذه المرة مع الأب، عيد ميلاد آخر يقضيه نضال داخل سجون الاحتلال، وتمرّ سنوات عمره وراء القضبان وتمرّ معها أيام الإضراب الطوال، حيث يضرب نضال عن الطعام لليوم الحادي عشر على التوالي، مع 29 معتقلًا رفضًا للاعتقال الإداري. 

نضال أبو عكر يتمّ اليوم عامه الـ55 في سجون الاحتلال، وليست هذه المرة الأولى حيث أمضى ما مجموعه 17 عامًا في سجون الاحتلال جلها في الاعتقال الإداري التعسفي، مر خلالها 17 عيد ميلاد لم يجتمع فيه مع عائلته، ولم يحتفل فيها الأبناء بوالدهم، ولم يحضروا له كعكة العيد، كانت خطط العائلة تنهار كل مرة أمام الاعتقال الإداري، فلا يعرفون متى يعود والدهم إليهم، ومتى يمكنهم الاحتفال بعيده وسنوات عمره وعمرهم المسروقة بغيابه.

مرت أعوام طوال وأبو عكر خلف القضبان، أحداث كثيرة ومحطات مرت بها الزوجة والعائلة والأطفال الذين أصبحوا شبابا.

تقول منى زوجة أبو عكر: "أنجبت ثلاثة أبناء، محمد وداليا وكرمل، في كل مرّة يولد طفلنا يعتقل الاحتلال نضال قبل أن يسمع كلمات طفلنا الأولى، وحين يخرج من السجن يجد الطفل قد دخل المدرسة، حرمه الاحتلال والاعتقال الإداري المتكرر من أن يكون موجودًا معنا كأي أب آخر يرى أطفاله يكبرون أمام عينيه، كبر الأطفال واستمرت الحكاية، واستمرت الاعتقالات، حتى أن ضابط المخابرات الإسرائيلي قال له في إحدى المرات أنه لن يسمح له بحضور فرح أو ترح، وأن مكانه الصحيح هو السجن." 

تكمل الزوجة حديثها قائلة: "أنهى أبنائي الثلاثة مرحلة الثانوية العامة ولم يكن والدهم موجودًا، تزوج أصدقاؤه وأقرباؤه ولم يكن موجودًا حينها أيضًا، توفي عدد من رفاقه وأقربائه أيضًا ولم يحظَ بفرصة وداعهم، دخل الأبناء الجامعات وتخرجوا منها دون حضور والدهم المغيب في سجون الاحتلال، وقبل أسابيع عقد قران ابنته داليا ولم يكن والدها موجودًا في هذه المناسبة أيضًا كل تلك الأحداث مرّت دون أن يكون نضال موجودًا". 

من خلال الاعتقال الإداري، يمنع الاحتلالُ الفلسطينيَّ من ممارسة الفرح، وحتى من ممارسة الحزن أو وداع أحبائه كما يجب، وذلك دون أن يكلف نفسه عناء تقديم لوائح اتهام أو مبررات أو أسباب، ودون إجراءات محاكمة حقيقية، يُعتقل الفلسطينيون ويتم تحويلهم بقرار قائد عسكري إلى الاعتقال الإداري، وخلاله يمضون أشهرا طويلة وعصيبة بانتظار لحظة الحرية ولم شملهم مع عائلاتهم، تمضي أعياد الميلاد والأفراح والأتراح، أعياد الأسرى وأعياد أبنائهم وزوجاتهم وأفراح عائلاتهم، دون أن يتمكنوا من حضور مناسبة، ودون أن يتمكنوا من أن يعطوا وعدا بأن يكونوا خارج القضبان في العيد القادم، فالاعتقال الإداري حاضر في كل وقت وظرف. 

نضال أبو عكر واحد من 29 معتقلا في سجون الاحتلال، يخوضون إضرابًا مفتوحًا عن الطعام رفضا لاعتقالهم الإداري، ويقاطعون محاكم الاحتلال بكافة مستوياتها، ويرفعون شعار "إضرابنا حرية" سعيًا منهم لوضع حد لسياسة الاعتقال الإداري بأمعاءٍ خاوية وإرادة صلبة.