كتب الأسير أمجد عواد من زنزانته في سجن ريمون الصحراوي..

صرت لزامًا يا موت..بقلم الأسير أمجد عواد

F3645EF0-8B94-41BB-AFD7-1AAF8402B4B0.jpeg
المصدر / غزة-السجون-حنظلة

يبدو أن ارتطامًا بحافة الصدأ المدببة قد شارف على الاقتراب..أستشعر ذلك..هذا الصحيح الذي لا يمكن لأحدٍ سماعه سواي 

يا موت..صرت لزامًا فاقترب

أشتمُّكَ جيدًا

يا موت قلبي بات يهددني بالرحيل فاقترب

أنا يا موت لا أطلب منك إلا أن يكون ارتطامك فظًّا، عنيفًا، ويجعل للخطة كاملة الجهات..لنثبت معًا أن هناك فروقًا كثيرة بين ارتطامٍ وآخر...

حان الرحيل يا موت

لأن المرايا سالَت جميعها وغدت أشبه بدمعةِ جدةٍ تبكي وداع غزالها وسنابل القمح أكملت دورة إنحنائها بجلالٍ أضحى ركوعها أجمل والعصافير احتضنت صغارها الموتى..

فاقترب..

لأن الليل اشتدَّ حلكةً، وغدوت أنت غدوت ضرورةً لا ضيفًا موسميًا ثقيل..

لأن الصدأ استحال لأشرس حالاته وغدى الفولاذ جشعًا للسماكة والخريف ما عاد مملًا بل صار بازارًا لإستعراض آليات التكيف.

فلتقترب يا موت

لأن العملةُ فقدت وجهاها بعد أن أُدخلت عالم النسبية.

والإغتراب أحكم لف حبائله حول عنقي فأقعدني جريحًا للمقارنات لأن الوطن والبلد والظروف والواقع والصف الوطني صاروا جميعًا مشجبًا نعلق عليه ما أُمرنا..

لأن زنزانتي غاصت أكثر من اللازم، وصليب مؤبداتي الخمس أكمل غرس وتده الآخير في رئتيي..

صرت لزامًا يا موت فاقترب..

فأنا بتُّ لا أعرفني.. لأني أفتقدني هنا في مكانٍ لا أراني فيه فهو لا يراني لأني لم يعد لي بابّ أعود منه للحكاية

لأن الفولاذ أصابني بزكام البلادة، فبات الأسر مصيدةً وارتخت توابيت الشهداء فبهتَ خشبها بعد أن نشل اللص بسبحته الطويلة آخر مسمار في النعش..

ولأن عُرى التطاريز غادرت ثوب أمي فغادرني الحنين 

أرجوك إرتطامًا يا موت..

لإن الراية أصابها داء الحداثة فأثقل وزنها عنق السارية

لأن حُرَّ البنادق حوكمت بالنفي خارج محيط أهدافها فغدت طريدة

ولأن كنزةً صوفيةً من تل أبيب باتت كافية لعقدِ صداقةٍ مع الشتاء

 لأن نجمتهم باتت أكثر بريقًا بعد أن نُظفت بنفطنا.. 

لأن شتاتي يزاددُ شتات كل حكومة فاستحالت الأرض قاعة انتظار ولأني لم أعد أعرف كم مرةً متنا..

تعبت..

لأن الجلَّاد صار متنُ نصٍ مُقدَّس، فأحالني أنا..أنا الضحيةُ عبدًا يقطنُ حاشية.

رآنا غدونا قرضًا لاجئًا في البنوك..

لأنَّا علِقنا في الافتراض..فغدى مكبر الصوت سياستنا، وامتلئ الظل بالإنارات..

اقترب يا موت..

لأن أحلامنا.. حتى أحلامنا باتت مؤثثة بالتدخل..بالإملاء

لأن نصفنا ما عاد يُصغي لإستغاثات البيوت المدفونة أسفل المستعمرات

لأن الكنائس والمساجد أعارت أجراسها ومآذنها لكنيس الضحية في أوشفتيس

ولأن دولتنا يا درويش لا زالت نصًا أدبيًا حسن الصياغةِ لا أكثر

لأن التاريخ كلما انعطف بنا شظايا الإرتطام..

ولأن الكوخ..كوخنا بات على أعتاب معاهدة سلامٍ مع جاره القصر فاقترب يا موت لأنك صرت لزامًا

 

أستاذ إبراهيم مطر:.

أشكرلك تعاونك وأتمنى

لك مزيدًا مم الصحة

لتعطي فلسطين قدر مستطاعك 

يا نبعًا لا ينضب

 

الأسير أمجد عواد 

سجن رامون الصحراوي