كتب الأسير أمجد عواد إلى والدته في يوم الأم..

ألف سماء لا تتسع لقلب أمي

thumb.jpg
المصدر / السجون-حنظلة

إلى أمي أقول اليوم...
أنتِ عالمي الذي أجوب أزقته كل ليلةٍ بعيدًا عن عيون سجاني وجغرافيا الأسر..
أمي...تلك الزاوية المليئة بالأمل، ذلك الركن المؤنث بالضياء وسط ألفٍ من الزوايا المشبعة حتى آخرها بالظلام..

كم أشتاقكِ يا أنشودة فرحي...ليتني ظفيرة في شعرك...أو بقعة حنَّاءٍ أعلق بحجتها على كف يداكِ العاجيان إلى الأبد...أو ليتني ذرة هواء يتنفسني صدرك الحنون، أو سنبلة قمح أعلق بطرف ثوبك المطرز بعبق الصبر وأمل الخلاص.
أمي قمري الذي يُعمدني بنوره ساعة حاجتي للنور، ويا لكثرتها اللحظات التي أحتاج فيها نورك في ظل عالم كعالمي الممتلئ حدَّ الصدأ بالظلمة..

ها قد كبرت يا أماه وبدأت سنين العمر تشدني نحوها...ومع كل عام أكبر فيه هنا بعيدًا عن طهر كعبكِ يزداد تشبثي بما علق في قلبي من ذكريات جمعتني وإياكِ...خصوصًا تلك التي تذكرني بطفولتي...كمشوارٍ هنا ورحلةٍ هناك حتى وإن كانت للمدينة...الأرز بالحليب وحبة البوظة بعد مساعدتك في تنظيف المنزل...أو تلك الأفعى التي قتلتها ذات صيفٍ بالرغم من أنك تخافين إذا ذكر اسمها فقط...وموسم الزيتون ونظرة الشك في عيناكِ لحظة شعورك باقتراب كذبة أعدُّها سلفًا كإجابة على سؤالك عند نتيجتي في مادة الرياضيات..

أمي...ليعذرني أبي وإخواني وأختاي إن ادعيت أني أحبك أكثر منهم جميعًا ولتعلموا جميعًا أن لا السجن وسنين الحرمان وثقل مؤبداتي الخمس وبعدي عنك هي أسباب لتمترس ورائها في إثبات صحة ادعائي بأني أحبكِ أكثر من أكثرهم بل ما قدمتهِ وعانيتهِ وما مررتِ به من مآسٍ مريرة بسببي..
أخيرًا..
أحبكِ يا زهرة العمر ولتعلمي أنه بالرغم من بعد المسافة بيني وبينك واختلاف عوالمنا، إلا أنك تسكنين في أقرب نقطةٍ إلي...هنا تمامًا في منتصف القلب..

وكل عامٍ وانتِ بخير
 

الأسير أمجد عواد
سجن ريمون الصحراوي