كتب عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية الأسير المحرر "أحمد ابو السعود"

الأسرى والانتخابات

365287f7-fd6e-4d5b-bd73-effd667f4d6a.jpg

جرت الانتخابات الاولى للسلطة الفلسطينية عام 1996 وكان آلاف الاسرى ما يزالون يقبعون خلف القضبان, فثارت ثائرتهم وخاصة أسرى حركة فتح, إذ كان السؤال كيف يقبل شعبنا إجراء انتخابات ومن قاتل وناضل وضحى يرزح خلف القضبان؟! فأطلق الاحتلال بعد ضغوط عليه سراح أعداد من الاسرى ممن أحكامهم خفيفة وأضيف إليهم بعض المحكومون بالمؤبدات والذين أقدموا أثناء الانتفاضة الاولى بتصفية عملاء, وأدرك الاسرى أنهم ليسوا ضمن اهتمام أو تفكير القيادة الفلسطينية في حينه, وشرعوا بمخاطبة من استطاعوا الكتابة لهم لتذكيرهم أننا المنسيون في سجون الاحتلال. 

حتى أن ما كان يقدم لذويهم من رواتب كانت زهيدة لدرجة أنها لا تكفي سد رمقهم, وجزء من الاسرى لم يكونوا يتلقى ذويهم أية رواتب, وهذا النسيان والاهمال ولَّد في نفوسهم إحباطا خاصة كلما سمعوا أن فلان ممن أُخضع للتحقيق معه واعترف بارتباطه مع العدو يتبوأ مسؤولية ورتبة وراتباً, وهم من ناضل ويناضل منسي في غياهب السجون. 

ثم جاءت الانتخابات الثانية في عهد السلطة للمجلس التشريعي وللرئيس عام 2006 وكانت قد امتلأت السجون مجدداً بالأسرى حتى وصل عددهم أكثر من عشرة آلاف أسير ومعتقل, وقيادة السلطة عاجزة عن تحريرهم, برغم أن وعود السلام والمفاوضات التي امتدت سنوات طويلة, فأدرك الاسرى أن أي إفراجات عن طريق السلطة يقابلها ثمن سياسي وهي بقيت في نطاق القالب الذي يفرضه الاحتلال. 

والآن يقبع 26 أسيراً ممن اعتقلوا قبل توقيع اتفاق أوسلو أقدمهم الأسير كريم يونس الذي مضى على وجوده لغاية الآن 38 عاماً متواصلة وهو يعتبر أقدم أسير في العالم. 

وها هو الحديث يدور مرة ثالثة عن مرسوم رئاسي لإجراء الانتخابات للمجلس التشريعي وللرئيس, وقد مضى على اتفاق أوسلو 27 سنة, لمن نسي أو لم يعد يذكر أن هذا الاتفاق اعترف باسم م . ت . ف (بإسرائيل), وإسرائيل لم تعد تعترف بالشعب الفلسطيني ولا بدولة له على أرض وطنه إنما اعترفت بالمنظمة, وللأسف أفقدها أصحابها الميثاق والبرنامج والهوية, بل أكثر من ذلك في نفس العام انقسمت السلطة بين سلطة الضفة وسلطة غزة, وما يزال آلاف الاسرى بأوضاع من سيئة إلى أسوأ. 

فهل أهالي الاسرى سيفرحون لإجراء الانتخابات وأبنائهم غارقون بالآلام والمعانيات, يتهددهم الموت جراء القتل البطيء؟! 

ويعيدهم السجان لظروف قاسيه جداً, فأي انتخابات هذه التي تهدف إلى إعادة قسمة السلطة بالتراضي بين طرفيها, ولا يدل على ذلك إلا التمسك باتفاق أوسلو, وإقامة العلاقات مع الدول المذعنة للاحتلال وتقيم معه علاقات على حساب الشعب الفلسطيني. 

إنها دعوة لأهالي الاسرى بأن يقاطعوا الانتخابات, ولمن يريد المشاركة منهم أن يضعوا أسماء الاسرى ببطاقات الانتخاب لأن الاسرى هم المناضلون الحقيقيون المتمسكون بالقضية وبتحرير فلسطين.