كتب الأسير الأديب كميل أبو حنيش من داخل زنزانته في سجن رامون

ساعةُ المصالحة المعطوبة

f6d2772b-6d2d-4c16-aebd-9f708be1bff4.jfif
المصدر / السجون_حنظلة

بقلم الأسير: كميل أبو حنيش

بات شعار "إنجاز المصالحة وإنهاء الإنقسام" جملة يجترُّها الجميع وكأنها إثبات على حسن النوايا والحس بالمسؤولية الوطنية والنأي بالنفس عن تهمة تعطيلها بيد أن الجميع منذ سنوات يدور في ذات الحلقة المفرغة، بعبارةٍ أخرى نحن نسمع طحنًا ولا نرى طحينًا، لقد تحوَّلت قضية المصالحة إلى ما يشبه الساعة المعطوبة التي تكون صحيحة مرتين في اليوم ثم لا تلبث أن تعود وتتعطل أو بالأحرى تحافظ على عطبها. 

فمنذ ما يربو على الثلاثة عشر عامًا على بروز الإنقسام الوطني، جرت سلسلة طويلة من الحوارات واللقاءات  والدعوات لإنجاز المصالحة وتدخلت أكثر من جهة إقليمية ودولية كوسطاء بين الطرفين المتخاصمين كما اُتهمت أكثر من جهة دولية وإقليمية بتعطيلها، وبصرف النظر عن التدخلات الخارجية، سلبًا أو إيجابًا، علينا الإعتراف أن طرفي النزاع ليست لديهما الإرادة الحقيقية لإنجازها رغم حجم المخاطر المحدقة بالقضية الوطنية.

وإذا صح لنا التعبير، بتشبيه الحالة الفلسطينية بالساعات المعطوبة فإن هذا يعني أننا نحتاج إلى عملية إصلاحٍ جذرية وعدم انتظار أوقات أو مناسبات محددة ليجري إستدعاء الوحدة الوطنية والمصالحة، فالحالة الفلسطينية بمكوناتها الحزبية والمؤسساتية تعاني من تهتُّك يدركه الجميع، والطاقة السياسية غير ناضجة أو فاعلة أو مؤثرة لتُحدِث ذلك التغيير الهام كي يتسنى لنا الصمود والمواجهة وإحراز الإنتصار على العدو، فقد أثبتت الوقائع بأنه لا يوجد لدينا أحزاب سياسية، بصراحة لدينا دكاكين حزبية يسترزق أصحابها من القضية والشعارات والتبعيَّة لطرق الإنقسام.

أما عن الإنتخابات فهي ليست المدخل الصحيح لإنجاز المصالحة، وهي تأتي على قاعدة الإتفاق وليس على قاعدة الإنقسام، وإن كانت الانتخابات ستفرز لنا واقعًا كالواقع الذي نشأ في أعقاب انتخابات 2006، فنحن لسنا بحاجة إلى إجرائها، ولا يجوز أن تتحول هذه القضية إلى غاية بدلًا من أن تكون وسيلة لإعادة ترتيب الصف الوطني.

إن أكبر عارٍ يمكن تسجيله على الحركة الوطنية الفلسطينية هو فشلها في إنجازها المصالحة وتجسيد الوحدة الوطنية، فإذا لم نتدارك أنفسنا في هذه الظروف وفي ظل المخاطر الجسيمة التي تحدث بنا فمتى يمكننا تداركها.

وعلى ما يبدو فإننا بحاجة إلى ثورة جديدة، وإلى نهج ثوري جديد وحركة وطنية لديها إحساس بالمسؤولية الوطنية والتاريخية لإن التلكؤ في التصدي للمهام والمسؤوليات الوطنية الكبرى يُعد جريمة بحق الوطن والقضية ويُنذر بالمزيد من الكوارث وينطوي على خلل واضح وليس مجرد اجتهادات وخلافات سياسية.