كتب الأسير القائد وائل الجاغوب

الاعتقال الإداري السيف المسلط على رقاب المناضلين الفلسطينيين

ef901175-5e78-4162-83b9-9a5339cd7521.jpg
المصدر / حنظلة

 تعتبر سياسة الاعتقال الإداري إحدى أهم مرتكزات السياسة العامة لحكومة الاحتلال لاستهداف الإنسان المناضل الفلسطيني، وزجه في السجون دون تهمة أو محاكمة، ويتسع نقاط تفعيل هذه السياسة وأهدافها ارتباطاً بعدة عوامل من مقدمتها ارتفاع حالة المقاومة ومحاولة إحباط حراك نضالي وسياسة ردع للمناضل الفلسطيني من خلال العقوبات والممارسات، وإبعاد المناضلين عن ساحة الفعل السياسي، وتحفزاً لحراك سياسي متوقع، والبعد الانتقامي والذي يعتبر مكون رئيسي لسلوك الاحتلال.

ويفضل رجال أمن الاحتلال هذا الشكل من الاعتقال تحت مبرر أمني بسبب عدم توافر أي رقابة قضائية، والتي تعتبر شكلية على هذا الاعتقال، وتفعيل هذا الشكل من الاعتقال له أهدافه متعددة كثيرة.

وفي الوقت ذاته، فإن هذه السياسة قابلها الأسرى بمواجهة نضالية، فقد خاض الأسرى الإداريين العديد من الخطوات النضالية الجماعية لمواجهة سياسة النضال الإداري وبمقدمتها مقاطعة محاكمة التثبيت والاستئناف العسكرية، كما تم خلال التسعينيات من القرن المنصرم ومرات عدة خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى الإضراب الجماعي عام 2014 ومجموعة الإضرابات الفردية التي خاضها الأسرى إداريا ابتداءً من إضراب الشيخ خضر عدنان والتي حملت معها أسئلة عامة حول لماذا لم يتحرك الأسرى إدارياً وجماعياً واستنتاجاً حول مدى فعالية الإضراب الفردي وإرهاق الحراك الجماهيري يتجلى ذلك أيضا بالدعوات لصياغة برنامج عام لمواجهة الاعتقال الإداري وهذا ما يجعل تساؤل "هل يلجأ الأسير الإداري إلى خيار الإضراب الإداري عبثاً أو ترفاً؟ وهل يلجأ إلى مثل هذه المعركة في ظل توافر إدارة عامة في ظل تحرر جماعي؟ وهل الإضراب الفردي هو تعبيرٌ عن فعل جماعي بنضال فرد أم لا ؟ وما المطلوب ؟

في البداية يجب التأكيد أن أوضاع الحركة  الأسيرة تمثل انعكاس خاص ومميز في واقع الأسرى للحالة الوطنية العامة خارجه،  وبالتالي قد يكون ما يميز واقع الاسرى استمرار محاولات لخلق إجماع وطني عبر برنامج نضالي قد يتحقق، أما أن يتعلق بعنوان الاعتقال الإداري فإن محاولات بناء برنامج وخطوة موحدة لم تتوقف يومياً خلال العامين الأخيرين، قدمت خلاله مقترحات عدة من مقاطعة المحاكم الى خطوة عامة من قبل الاداريين إلى خطوات نضالية أخرى، لكنها لم تنجح في الوصول إلى التوافق الواضح، على الرغم من تزايد عدد الأسرى المعتقلين إدارياً.

هذا الواقع دفع الأسرى إلى خيار الإضراب الفردي، والذي يستدعي صلابة من الأسير واستعدادية نضالية عالية، وقدرة على الصبر والتحمل، وقد نجح الأسرى الإداريين الذين خاضوا هذا الخطة بتحقيق أهداف منها، وأهمها: اعتبار الخطوة الفردية وسيلة للضغط لا تختلف أهدافها عن الخطوة الجماعية، يقدم عليها الأسير الإداري إن لم يجد أفق لخيار جماعي على الأخص في شأن الاعتقال الإداري حيث يبدو الخيار الفردي قائم لإبقاء على حالة مقاومة للاعتقال الإداري، وان كانت نتائج مباشرة.

 وما يميز الاضراب الفردي للأسرى الإداريين انه يخط خيار وطريق يمكن أن يؤدي الى بناء برنامج نضالي تخوضه الحركة الأسيرة، ويصبح هذا البرنامج النضالي لا يخص فقط الأسرى الإداريين بل يستدعي أيضا دعم حقيقي من قبل باقي الأسرى، وأيضاً خارجياً من قبل القوى السياسية والمؤسسات ذات الصلة وعدم الاكتفاء أحياناً بإلقاء اللوم على الأسرى، وتوجيه الدعوات لهم بالتوحد على برنامج حيث ستكون هذه الدعوة بفائدة حين تقترن بفعل

ومحاولة تنشيط ما هو أوسع واشمل من عنوان الأسرى على المستوى الوطني، وحين تحقق بناء أداء نضالية خارج الجدار للتصدي لقضية الأسرى.

 وبهذا الإطار فإن المطلوب من أجل خلق ظروف ملائمة تدعم بناء برنامج نضالي إسنادي للأسرى الإداريين، التالي:

أولاً: بناء  رؤية  وطنية للاعتقال الإداري تكون مهمتها الرئيسية العمل من أجل إقامة فعاليات من داخل فلسطين وخارجها دعما للأسرى الإداريين وتوحيد الوسائل والأدوات، وتحديد الأهداف بشكل جماعي تحت شعارات "الاعتقال الإداري جريمة منظمة وإرهاب دولي"، و"الحرية للأسرى الإداريين"،  فإن توحيد برنامج ورؤية على المستوى الوطني في هذا القضية ستعكس نفسها على صعيد الأسرى خاصة الإداريين.

ثانياً: مطلوب من الأسرى الإداريين بناء إطار تنسيقي وطني جماعي مرتبط بهيئة على المستوى الوطني تكون مهمته صياغة البرنامج النضالي داخل السجون وتوحيد الجهد النضالي والخطوات الجماعية.

ثالثاً: دعم خطوات الإضراب الذي يقوم بها الأسرى الإداريين من اليوم الأول وعدم التسليم بما يحاول فرضه الاحتلال من سقف إضراب أصبح يرتفع من الأسرى، حيث كلما كان التحرك مبكراً كان له تأثير على حسم معركة الإضراب في وقت أقل.

رابعاً: الأسرى الذين اكتووا بنار الاعتقال الإداري بالضرورة ان يكونوا رأس حربة خارج الجدران من أجل هذا المهمة.

        إن سياسة الاعتقال الإداري باتت تشمل أيضاً الأسرى الذين أنهوا مدة محكوميتهم،  كما حدث مع الأسير بلال كايد والذي  واجه هذه المعاناة، ووجه رسالة للاحتلال وللعالم كله، من خلال خوضه معركة بطولية اتسعت وامتدت لتشمل كل منظمة الجبهة بسجون الاحتلال، حيث نستخلص من هذه المعركة البطولية، أن أي قضية لأسير يتعرض لاجراء تعسفي تبقى مهمة نضالية، ووطنية يجب مواجهتها جماعياً، وبوسائل متعددة، وعلى كافة الصعد.