كتبت الأسيرة المحررة دعاء الجيوسي..

رحل كمال فتحرر من أوجاعه وأصدر شهادة وفاة القوانين الدولية، دراسة دعاء الجيوسي

afe65e98-4248-453c-aa1e-2a5b92edc502.jpg
المصدر / وكالات

دراسة : دعاء الجيوسي.

قرأنا في مأثور ثوارنا الأوائل أنهم كانوا يتهافتون وربما يقترعون بعد أن يُعيهم التوافق على الإشتراك في العمليات الفدائية وكانوا يرون في ذلك خطوة تُقَربهم نحو الفجر أو على الأقل فرصة ليغرسوا في رحم الأرض التي إِقتُلِعوا منها...ربما هذا وحده ما يُخَفِف وطأة أحزاننا على شظايا أرواحنا التي فقدناها في المعارك المتتابعة وغياهب السجون والتي واصل العدو إختطافها وتغيبها في ظروف غامضة. 
ولهذا الملف في عقلنا الجمعي وجعه ومرارته لكن ولأننا لا نزال نراوح في أحزاننا على إثر إستشهاد أخانا صاحب الوجه الملائكي كمال أبو وعر ومن ثم رفض الإحتلال تسليم جثمانه لذويه سَنُفرد مقطوعة آلامنا هذه للحديث عن الأسرى الذين إستشهدوا داخل السجون ولا تزال جثامينهم مختطفة لدى النازيين الجُدد.
تُشير الإحصائيات التي وفرتها جهات بحثية عدة إلى أن سلطات الإحتلال لا زالت تختطف جثامين 8 أسرى إرتقوا داخل سجونها وتحتجزهم في أماكن وظروف مجهولة ( وهم أنيس دولة، عزيز عويسات، بسام السائح، فارس بارود، سعد الغرابلي، داوود الخطيب، نصار طقاطقة وكمال أبو وعر).
وتتضارب الأنباء حول الأماكن التي تُحتجز جثامين هؤلاء الشهداء داخلها كما لا يزال السقف الزمني لإحتجازهم غير معلوماً.
وبغض النظر عن الجُرم الفاضح الذي يقترفه العدو عند إعتقال هؤلاء المواطنين الفلسطينين وما يعتري التحقيق معهم من جرائم ومن ثم والإنتهاكات الفجة لحقوق الإنسان التي تُرافق ظروف إحتجازهم أو علاج من يلحق به مرض منهم تبدو جريمة الإهمال الطبي التي تؤدي للوفاة ومن ثم مواصلة إعتقال الجثامين من أكثر جرائم العدو سفوراً وأجلاها وضوحاً في إنتهاك القوانين والأعراف الدولية وما من فقيه قانون مهما بلغ إنحيازه أو تنكره لأخلاقيات مهنته يمكنه أن يجد تبريراً لهذا السلوك.

إذ تَنُص إتفاقية جنيف الثالثة الموقعة بتاريخ 1949/8/12 في مادتها رقم (13) على ما يلي: 

*- يجب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات. ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكا جسيما لهذه الاتفاقية. وعلى الأخص، لا يجوز تعريض أي أسير حرب للتشويه البدني أو التجارب الطبية أو العلمية من أي نوع كان مما لا تبرره المعالجة الطبية للأسير المعني أو لا يكون في مصلحته.
وبالمثل، يحب حماية أسرى الحرب في جميع الأوقات، وعلى الأخص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير ، كما تُمنع تدابير الاقتصاص من أسرى الحرب.

أما سلف هذه الإتفاقية والتي وقعت عام 1929 فتنص في موادها (12, 13 , 14, 15).

*-وجوب معاملة جثث الموتى من الاسرى بطريقة تتسم بالاحترام، كما يجب أن تُحترم قبورهم وتُصان بشكل ملائم.

*-وجوب دفن الموتى من الأسرى وفقاً لطقوس الديانة التي ينتمون إليها، ولا يجوز إحراق جثثهم إلاّ في ظروف استثنائية، منها أسباب صحية قهرية، أو طبقاً لديانة المتوفى، أو وفقاً لرغبته الواضحة.

*- دفن الموتى في قبور فردية. ولا يجوز دفنهم في قبور جماعية إلاّ في حال لم تسمح الظروف بدفنهم في مقابر فردية.

*- جمع قبور المتوفين وتوضيح جنسياتهم عليها.

ولكل مادة من ما ذُكر شروحات وبروتوكولات قانونيةوإنسانية توضح أحكامها وتُفَنِد ما يعتقد مُختَرقيها انها ثغرات يُمكن النفاذ منها علماً أنها تُطبق في ساحات الحروب الدولية التي تشترك فيها جيوش ويقع خلالها آلاف الأسرى والقتلى يومياً فكيف يُمكن أن تطبق في هذه البيئات ويتعذر تطبيقها في كيان يسقط من بين الأسرى لديه شهيد كل عام يزيد أو ينقص قليلاً ، هذا بالأساس أما في حالتنا الفلسطينية فإن أقل ما يُمكن أن نطالب به تطبيق حرفية وروحية القانون الدولي عبر تسليم جثامين الأسرى الشهداء لذويهم لأنه لا يتعذر ذلك ولا يُعي الأهالي أن يتسلموا جثامين أبنائهم ونقلها حملاً على الأكتاف من السجون للمقابر الفلسطينية التي لا تبعد عن أماكن إستشهادهم في معظم الأحيان كيلو مترات معدودة.