الرفيق الأسير المفكر كميل أبو حنيش يكتب

الترانسفير الإجباري ركيزة من ركائز صفقة القرن،بقلم الأسير كميل أبو حنيش

WhatsApp Image 2020-01-09 at 10.33.12 PM

الترانسفير الإجباري ركيزة من ركائز صفقة القرن - مركز حنظلة 

قبل عشرين عاماً نشر "أرنون سوفير" أستاذ الجغرافيا في جامعة حيفا دراسته المعروفة بعنوان "إسرائيل ديموغرافيا من 2000 إلى 2020 مخاطر وإمكانيات" توصل من خلالها إلى  42% من اليهود مقابل 58% من العرب سيعيشون على أرض فلسطين في سنة 2020 وإذا لم تتبع إسرائيل عدداً من الإجراءات والسياسات بأنها ستختفي عن الخارطة خلال سنوات.


لقد أثارت تلك الدراسة التي نشرت عام 2000 عاصفة لدى صناع القرار في إسرائيل وحظيت باهتمام واسع في الإعلام والمنتديات السياسية والأكاديمية وأعادت النقاش للقضية المتداولة منذ عقود التي تتحدث عن "القنبلة الديموغرافية" وأيقظت هواجس الدولة العبرية ودوائرها كما وأعادت إلى الواجهة الجدال بصوتٍ عالٍ حول عدد من المشاريع السياسية الإسرائيلية التي حاولت مقاربة الحلول للصراع الفلسطيني الصهيوني.


فقد إستفاضت الدراسة في توقعاتها والتأجيج لحالة الهستيريا الكامنة حول إمكانية الإنقلاب الديموغرافي لصالح العرب وبالتالي بداية تفكك إسرائيل وإندثارها ومن ضمن الحلول التي اقترحتها الدراسة لمعالجة هذه الأزمة الوجودية كما وصفها سوفير تتلخص بالإنفصال عن الفلسطينين وبناء الجدار الفاصل وضم المستوطنات وإجراء ترانسفير لمئات الألوف من الفلسطينين في القدس والمثلث وتجمعات أخرى ونقل هذه الكتل السكانية إلى السلطة الفلسطينية وبهذا نتخلص من هذه المعضلة المزمنة وحسب سوفير "إذا لم تُنفذ إمكانية الفصل بين اليهود والعرب في كامل البلاد وبسرعة فمن الواضح أن أغلبية عربية واضحة ستقدم الطبيعة اليهودية في البلاد" وبالطبع لم تكن هذه الدراسة هي الوحيدة التي التقطتها دوائر ومؤسسات الدولة العبرية وجعلتها تُباشر في تطبيق مقترحاتها، إذ تستند إسرائيل على عشرات الدراسات والمخططات والهياكل التي تصدر عن مراكز أبحاثها ومؤسساتها الأمنية ووزاراتها ولكن هذه الدراسة انتشرت أثناء احتدام الصراع خلال الإنتفاضة الثانية وانتشارها الواسع حفز قادة إسرائيل للشروع في وضع مخططات عملية والمباشرة بتطبيقها. وطوال العشرين سنة الماضية طبقت إسرائيل أهم التوصيات لهذه الدراسة ومنها بناء الجدار الفاصل، الإنسحاب من غزة، إخراج عشرات الألوف من أحياء وضواحي القدس وبلداتها خارج حدود مدينة القدس، وتمزيق الأراضى الفلسطينية في المستوطنات والشوارع الإلتفافية فتحويل الضفة إلى تجمعات فلسطينية غير مرتبطة.
وفي ضوء الإعلان عن صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية وما حملته في طياتها من بنية مُعلنة لتصفية القضية الفلسطينية وفرض تسوية على الفلسطينين برزت قضية اترانسفير بشكل واضح في قلب هذه الخطة ولعل أهم ما تضمنته هذه الخطة على هذا الصعيد ضم القدس لإسرائيل وبالتالي إستكمال طرد عشرات الألوف من الفلسطينين خارج الجدار وضم الأغوار وبالتالي طرد سكان هذه المنطقة وضم المستوطنات وهو ما يعني فصلهم عن أرضهم وبالتالي طردهم خارج الجدار لكن الأخطر في هذه الخطة اقتراح أن يجرى ضم سكان المثلث إلى الكيان الفلسطيني وإذا أمعنا النظر خلال العشرين سنة الماضية فقد انتهجت إسرائيل سياسة ترانسفير تدريجية وبطيئة وهو ما أسماه الأكاديمي الإسرائيلي ارنون بيتحايل الترانسفير الزاحف حيث سعت بموجب هذه السياسة إلى تضييق الخناق على مئات الألوف من الفلسطينين وطردهم بالقوة من أماكن سكناهم عبر وسائل مختلفة منها مصادرة الأراضي وهدم البيوت وتدمير البنية التحتية وتدمير الإقتصاد الفلسطيني وإلخ.. ،وترافق هذه العملية مع تعزيز المستوطنات وبناء المزيد من الوحدات الإستيطانية.
والسؤال المطروح: إلى أي حد ستمضي إسرائيل في فرض الوقائع على الأرض وتطبيق مخططاتها الواردة في صفقة القرن؟ إن الإجابة واضحة على هذا السؤال فإسرائيل ماضية في مخططاتها فقد ترجمته بشكل فعلي على الأرض أما المتبقي فهو الإعلان الرسمي عن سيادتها على الأغوار وضم المناطق الاستيطانية أما عن نقل سكان المثلث إلى مناطق السلطة الذين يبلغ تعدادهم أكثر من نصف مليون نسمة فهو أيضاً خيارٌ وارد ستلجأ إليه الدولة العبرية في الوقت الذى تراه مناسب وتنتظر فقط فرصة سانحة لتنفيذ هذا الاترانسفير القصري.
أما السؤال الأهم: إلى أي مدى سيكون بمقدورنا نحن الفلسطينين إفشال هذه المخططات وإسقاط مخطط صفقة القرن التصفوي؟ إن الإجابة على هذا السؤال منوطاً بإرادتنا المقاومة ومدى إدراكنا لمخاطر الوجودية التي تعصف بنا، إن المقاومة لم تعد خيارً إنها ضرورة بل وضرورة ملحة ويتعين علينا عدم إضاعة الوقت والمباشرة في إرباك الدولة الإحتلالية ونحن لم نعدم الوسائل المهم أن نظل نتذكر أن هذه المعركة هي أهم المعارك التي نخوضها اليوم دفاعاً عن أرضنا وعن حقنا في الوجود.


الأسير:كميل أبو حنيش