الرفيق الاسير وسام العلي يكتب من قلب زنزانته في سجن نفحة الصحراوي

الأسير الرفيق

خاص مركز حنظلة

يتربى على رأس كل طفل في باستيلات الاحتلال عشرات من المُناضلين الذين ضحوا بسنين عمرهم في هذا الوطن، وفي كل معتقل من المُعتقلات تُنقش حكاية أسير من أسرى المُؤبدات والأحكام العالية على جدران وأبواب وأسرة المُعتقل، تُنقش بالدم والتضحيات والمُعاناة مع الأمراض المُزمنة والآلام والشوق والحنين لفضاء الحرية والأمل.

أبو مسعد إبراهيم هاني، أحد أبطال الصمود الذين يقبعون حتى هذه اللحظة في سجن نفحة الصحراوي يشغل البُرش الأول مستنداً على برواز وُضع عليه صورة ابنته ووالدته المرحومة، مُحاولاً درء الحنين والشوق لهم ومحاولاً تقبل واقع الأسر القذر الذي يتحكم به السجان الفاشي، ويأبى أبو مصعب إلا الضحك والتفاؤل والأمل بالعودة إلى مدينته رام الله وبلدته التي تُعد إحدى ضواحيها حي "الطيرة"، الذي سطر ملاحم لا حصر لها في التصدي للاحتلال والمواجهة طفلاً وشاباً وشيخاً كبيراً.

انتمى منذ نعومة أظافره لأرض الوطن والثورة، أبو مصعب المُناضل البري الذي قضى جُل عمره في جبال الوطن وجبال رام الله مُعانقاً الأشجار والأرض الطاهرة إما خيالاً على فرسه أو خيالاً على قدميه ساعياً لاستنشاق رائحة الوطن وزهر اللوز حانياً له مترقباً كل حركات العدو فيه، كان كل ما يُنغص عليه يومه هو رؤية تلك الحواجز بين رام الله وقرى غرب رام الله، والتنكيل الذي كان يُلاقيه أبناء وطنه على هذه الحواجز القذرة التي تعيق مسيرة الحياة اليومية.

وفي يوم من الأيام أمسك رفيق دربه إبراهيم علقم ونظر في عينيه نظرةً فهمها رفيق دربه فوراً، فرفيقه على شاكلته عاشقاً لتراب الأرض وزهر اللوز والحنون، وقررا ألا يتركا للعدو بقةً كان عليها، وفي اليوم الموعود حلق النسران في أعالي فضاء رام الله، قاطعين عهداً على تنظيف أرضها من الجرذان والحشرات التي تقف في طريق أبناء هذا الوطن، فتقدما ممتشقين بنادقهما داكين حصون العدو على طريق التفافي في  "سردا" قاتلين وجارحين تلك الجرذان الخائفة والجبانة في جحورها، ثم انسحبا إلى عرينهما مُبجلين بالنصر العظيم شافين غليلهما وغليل الوطن من هؤلاء القتلة، فما كان من جنود العدو الغاشم إلا الفرار صاغرين جارين جثث جرذانهم القتلى معهم.

اعتقلته السلطة بعد ذلك بفترة من الزمن ليقبع في زنازينها ثم يتم اعتقالهما والحكم عليهما بالمؤبدات، وهو يقبع في السجون المركزية حتى هذه اللحظة حيث لا يُسمح لأسرى المؤبدات من الخروج من الجون المركزية، يقول أبو مسعد أن له أُمان، أُمٌ ولدته "مسعدة" رحمها الله وأُمٌ أُخرى كان يذهب إليها وهو مُطارد عجوز طيبة كتراب الوطن يُطعمها بيده ولا يحلو له الطعام إلا بين يديها، محاولاً سرد قصصه في تلك الأيام على رفاق وأبناءه الصغار ففي السجن متحدياً السجان والجلاد الفاشي قائلاً "لي في السجن أبناء ولي خارج السجن أبناء" وقائلاً "إنا حتماً لمنتصرون مهما طال الزمن"، المجد للشهداء والحرية للأسرى.