الرفيق الأسير وسام العلي يكتب من خلف القضبان

الأسير الرفيق

97d476494ec8581982c71a6e7cbae74d

خاص مركز حنظلة

يتربى على رأس كل طفل في باستيلات الاحتلال عشرات من المُناضلين الذين ضحوا بسنين عمرهم في هذا الوطن، وفي كل معتقل من المُعتقلات تُنقش حكاية أسير من أسرى المُؤبدات والأحكام العالية على جدران وأبواب وأسرة المُعتقل، تُنقش بالدم والتضحيات والمُعاناة مع الأمراض المُزمنة والآلام والشوق والحنين لفضاء الحرية والأمل.

أبو أماني محمد فهمي الريماوي، أحد أبطال الصمود الذي يقبع في سجن نفحة الصحراوي، يشغل البُرش الأخير ملتفاً بالأغطية في  كثير من الأحيان، سواءً من البرد من آلام الرئة والمعدة، مُتصالحاً مع مرضه الذي يأكُل خلاياه رويداً رويداً محاولاً قهر عزيمته وكأنه متحالف مع السجان والفاشي، ويأبى أبو أماني إلا الصمود، ابن الأردن الذي تربى وعاش غالبية عمره في قرية "ام نجاصة" في مخيم البقعة، انتمى منذ نعومة أظافره للثورة والوطن، وسعى دؤوباً للوقوف في أول صفوفها مناضلاً مشعلاً المسيرات مُتصدراً المقدمة في الدعوة للثورة والوطن، عاد لأرض الوطن عام 1999 لقريته "بيت ريما" مُكملاً ما بدأه ساعياً وراء الوطن والثورة ولقمة العيش، مُتصدراً مرةً أُخرى الدعوات للثورة في بداية انتفاضة الأقصى، وحين تم اغتيال  القائد أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حلق عالياً مع رفاقه حمدي وباسل ومجدي، ليُرفرف فوق قباب القدس باحثاً عن فريسته التي سينقض عليها انتقاماً لرفيقه وقائده أبا علي، فرسى المزاد على رأس الفاشي رحبعام زئيفي، وكان الريماوي هو الحامي لانسحاب رفاقه مُنتظراً إياهم خارج الفندق الذي نُفذ فيه عملية الإعدام ضارباً بيد من حديد على زناد بندقيته مُتحفزاً لكل طارئ مستعداً للتضحية بكل قطرةٍ من دمه في سبيل رفاقه ووطنه وقضيته، إلا أن حنكة التخطيط وسرية العمل الدؤوب واحسان اختيار الفريسة زماناً ومكاناً وتنفيذاً أدى لنجاح انسحاب المجموعة بسلام.

نفذوا الوعد الصادق والعهد بالانتقام من ذلك المُجرم، وبهذا كان واحداً من الرفاق الذين ضربوا الاحتلال  في عُقر داره، مُكترثاً بمخالبه أحد أهم رؤوس الإرهاب والتحريض رحبعام زئيفي، أُعتُقل بعدها قبل أن يستطيع الخروج من رام الله الى الأردن، وهو حتى هذه اللحظة في سجن نفحة الصحراوي حيث لا يُسمح للأبطال من أمثاله حملة المُؤبدات الخروج من السجون المركزية، وهو يُعاني من مرض مُزمن خطير يأكل خلايا جسده لا علاج له سوى المُسكنات التي يتناولها الأسرى، لا مخفف لآلامهم سواها إلا أن أبا أماني تراه يضحك ويُمازح رفاقه ويُساعدهم في جميع شؤونهم داخل الأسر، وكأنه لا يرد أن يشعر أبداً بآلامه الداخلية، ويأبى إلا أن يقول للسجان إنا باقون صامدون رغم معاناتنا، وإننا حتماً لمنتصرون مهما طال الزمن، والمجد للشهداء والحرية للأسرى.