صفقة القرن "الحلقة الثالثة" مشروع لتصفية القضية والوطنية الفلسطينية

860x484

الحلقة الثالثة

صفقة القرن

مشروع لتصفية القضية والوطنية الفلسطينية

 

في البداية لابد من التأكيد على مجموعة من الحقائق التي وسمت السلوك السياسي للكيان الصهيوني تجاه القضية الفلسطينية، الأولى أن العدو لم يعترف أو يُقر بالحقوق الوطنية لشعبنا لا في اتفاق المبادئ أو في إعلان الاعتراف المتبادل بين م.ت.ف والكيان الصهيوني، والثانية إن مشروع إيغال ألون الذي أطلقه بعد احتلال الكيان الصهيوني لِما تبقى من فلسطيني في حزيران 1967 ظل على الدوام الضابط للسلوك السياسي لحكومات الكسان، سواء تربع على هرمها حزب العمل أو الليكود، ومعروف أن السقف السياسي الأعلى الذي طرحه هو الإدارة الذاتية لسكان المناطق الفلسطينية وحقهم في انتخاب قيادة سياسية تُدير شؤونهم مع حق إسرائيل الإبقاء على احتلالها ومُصادرة كل المناطق الحيوية لأمنها في المرتفعات ومناطق غور الأردن وبالطبع في القدس التي جرى ضمها بعد الاحتلال مباشرة.

الحقيقة الثالثة أن الشيء الذي يتعرض لأي تشويش في المسار السياسي التفاوضي بعد توقيع اتفاق أوسلو هو الاستيطان ومصادرة الأراضي وعملية تهويد القدس، وعلى العكس من ذلك فقد تضاعف الاستيطان عشرات المرات كما تضاعف عددهم، وعليه فإن ما قدمته ادارة ترامب من خلال اعلاناتها سواء بنقل السفارة أو دعم الاستيطان ونزع صفة الاحتلال عن الضفة الغربية لم يكُن سوى تشريع للسياسة العملية الصهيونية الممارسة على الأرض في محاولة لرسم خطوط التسوية النهائية على الأرض وعبر الجرافات، وفرض هذه الحقائق على المجتمع الدولي، فقل صعود ترامب قد تعهد نتنياهو في حكومته الثالثة بأن عدد المستوطنين في الضفة سيصل الى مليون مستوطن في نهاية عام 2020.

والجديد فيما حملته إعلانات ترامب وعطاياها هو تشريع هذه السياسة وتحرير العدو من الضغوط الدولية التي تقف على رأسها الولايات الأمريكية المتحدة، وإطلاق أيديها لفرض الأمر الواقع على الأرض وتقويض أية إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعليه فإن إخراج موضوع القدس والاستيطان واللاجئين من دائرة التفاوض لم يبقى شيئاً لشعبنا للتفاوض عليه، لكن صفقة القرن المزمع طرحها ووفق ما تسرب منها من معلومات لا تعتبر أن ما سبق هو السقف الأعلى للمطالب الأمريكية الصهيونية.

فصفقة القرن مؤسسة على إطار عام يدعو إلى عقد مؤتمر إقليمي يجري من خلاله التوصل لحل إقليمي للقضية الفلسطينية ليس فقط مع الفلسطينيين بل مع العرب كافة، بمعنى الاعتراف العرب الرسمي الشامل بشرعية دولة الكيان الصهيوني والتطبيع الشامل للعلاقات معها بما في ذلك التحالف السياسي والعسكري لمواجهة الخطر الإيراني وتعزيز دورها القيادي لهذا التحالف، بمعنى توسيع دورها الوظيفي الإمبريالي وصيغة الحل العربي تظل مفتوحة أما كشكل لإدارة الأزمة لا يعيق التحالف العربي الصهيوني أو إعادة الاعتبار للخيارين الأردني والمصري أو الكونفدرالية الأردنية الإسرائيلية الفلسطينية التي في كل الأحوال لا تعطي شعبنا في أحسن الأحوال أكثر من محيمه تحت سلطة الاحتلال يمكن أن يطلق عليها دولة فلسطينية أو حتى إمبراطورية.

وعليه فإن الإعلان عن رفض صفقة القرن لم يعد كافياً لأن ذلك لن يوقف سياسة الضم أو الزحف للأراضي المحتلة بل المطلوب انتهاج سياسة فلسطينية واضحة لا تقبل التأويل تستد إلى إستراتيجية وطنية نضالية موحدة تتمحور حول:

  1. فك الارتباط مع اتفاق أوسلو ومنهجه والإعلان عن انتهاء ما سُمي بالمرحلة الانتقالية والتحرر من كل الالتزامات السياسية والأمنية تجاه هذا الاتفاق ونقل ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة كشكل لإدارة الاجتماع المفتوح مع الاحتلال في المحافل الدولية ومطالبة المجتمع الدولي القيام بالزام العدو الصهيوني باحترام القانون الدولي وتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تستجيب لحقوق شعبنا في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعلى المستوى المباشر توفير الحماية الدولية الفورية لشعبنا على أساس اتفاقات جنيف وبشكل خاص الرابعة والثالثة.
  2. توسيع نطاق الحملة الشعبية الدولية لمقاطعة دولة الاحتلال وتركيزها وربطها بمقاومة التطبيع العربي للعلاقات مع دولة الكيان الصهيوني.
  3. تفعيل البعد القومي في دعم وإسناد النضال الوطني الفلسطيني ووقف سياسة المجاملات أو سياسة تقبيل الأيدي واللحى والاستعطاف وإشهار سلاح النقد في وجه كل دولة أو نظام أو مؤسسة تسعى للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتوسيع علاقات منظمة التحرير مع الأحزاب والقوى الشعبية العربية المناهضة والمناضلة ضد سياسات الاحتلال والطلب المباشر من كل اتحادات البرلمانيين العرب وكل البرلمانات العربية باتخاذ قرار يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني.
  4. ان ما سبق كإطار لتفعل النضال السياسي المساند لنضالنا الوطني يحتاج الى رافعة قوية تُشكل محور تلتفت حوله كل الأنشطة والفعاليات السياسية وتحديد إطلاق العنان لمقاومة شعبنا لقوات الاحتلال ومستوطنيه على الأرض وتشكيل كل أدوات قيادة وتفعيل المقاومة الفلسطينية للعدو الصهيوني في كل ميادين الاشتباك في القدس والضفة والقطاع والجزء المحتل من فلسطين عام 1948.
  5. انهاء الانقسام وإعادة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني على أساس الشراكة الوطنية الديمقراطية السياسية وفي مقدمتها م.ت.ف التي لا يجوز احتجاز تطورها أو تحويلها لمجرد ائتلاف سياسي لمجموعة قوى تحت مُسمى قبائل منظمة التحرير، فرفض صفقة القرن معيار جديته والتوجه الجاد لإنهاء الانقسام ووقف كل أشكال الصراع الفئوي الضيق تحت أية مُسمى أو شكل.