في ذكرى استشهاد ابو علي مبروك ناصر مبروك / بقلم الأسير ابراهيم سالم

 ناصر مبروك
المصدر / خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

رفيقي صديقي الراحل أبو علي، بعد مرور ما يزيد عن أحد عشر عاماً أقف اليوم أمام كلماتٍ خضنا غمار تجربتها وصعوباتها معاً، بين الأزمة استطعت أنت الضغط أكثر على الزناد دون توقف حتى لم يعد للكلمات معانٍ أمام المشهد.

أي كلمات توفيك صديقي نهاية الحديث ونهاية المشوار؟ رحلت رفيقي لتنير درباً من بعيد فأنت من يبقى رغم رحيله الغائب القريب والصديق الصدوق. أنت من كان حراً رغم الاحتلال، وسيبقى كذلك، وأنت من آمن أن التراب هو المأوى الأخير إذا ما تكاثرت وتكالبت الأيادي والأوجه الموشحة بالسواد.

وأدركت أن السجن ليس بالمصير وأن الضغط على الزناد بقوة وبالأصابع العشر إذا ما استدعى الأمر يولّد الألم لهم، فكانت رصاصاتك أقوى من حقدهم وصمتك أعتى من آلياتهم وعتادهم، فظنّوا أنهم يستطيعون تقييدك، تقييد الزناد الذي سهر الليالي دون نوم سوى لبضع ساعات والعمل على طوال اليوم، فمن يمتلك هذا العزم والإصرار يكون حرًّا أينما يذهب وكيفما يشاء وأنت من اخترتصديقي.

أذكر كلامك وكأنّه الآن، ويظنّون أنّهم قد نالوا منك، واليوم يظن البعض أن سواد اللّيل وعتمته الزنازين وبطش السجّان، وظن آخرون أنّهم نالوا من عزائمقوتنا ومكنونات القلوب وآفاق العقول وبوصلة الاختيار.

لكن ألا يظنون أننا نفترش الكلمات والكتب استعدادًا للأيام العجاف؟ ونبحر في شتّى البلدان بحثاً عن الحريّة والذات؟ حتى كأنها لم تعد الأهداف والأحلام هي ذاتها وأصبح نور الحريّة يدق مضجعهم.

الحر صديقي وحده من يستطيع أن يفعل ما يشاء، ويظنون أننا أسرى لكنهم لا يدركون أننا على يقين بأنهم مقيدون دون سلاسل، مقيدون حتى في أحلامهم.

رفيقي ناصر مبروك رحلت جسداً أقسم بذلك وما زالت كلماتك وفنجان القهوة حاضرًا أمامي حتى اللحظة وما زال نورك يغيظ العدو.

في ذكرى الاستشهاد الحادية عشر لرحيلالرفيق ناصر علي مبروك "أبو علي"

بقلم الرفيق والأسير ابراهيم سالم