#المجد_يركع

عندما يصهل الرجال بقلم الأسير كميل أبو حنيش

كميل ابو حنيش
المصدر / ​خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

ثمت رجال فقط يكونا رجالا ، لم يتنازلوا قط عن موقفهم وموقعهم في صفة الرجولة لا يخذلونك في أي زمان أو مكان ، وبمقدورك أن تراهن عليهم ما أن تراهم وترى موقفهم وأفعالهم المنسجمة مع رجولتهم ، فلا تملك الا أن تطمئن لهم وهم يجمعون دائما خصالا لا يمتاز بها سوى الرجال الحقيقين ، الأصالة النبل والكرم والوفاء والوصال والتواضع والشجاعة والانحياز دائما للحق انها سمات مطبوعة في أرواحهم لا يمكنها أن تتغير لا يعرفون الانكسار ولا الخنوع ولا تتسرب لأنفسهم مظاهر الرياء ولا الانحراف وهم يدركون جيدا واجبهم في الحياه وموقعهم في التاريخ سواء كان موقعا صغيرا أم كبيرا ولهذا لا يترددون في في البذل والتضحية والعطاء وهي لمعنى الرجولة فما بالك عندما يكونوا رجالا ومناضلين في سبيل القضية مثلما هو الحال مع رجال فلسطين ، ثمت رجل من هذا الطراز تعرفه ميادين وزنازين السجون ملقب بالمواطن واسمه الحقيقي أيمن الشرباتي وكنيته أبو العلاء ابن مدينة الخليل الباسلة وكان مقيما في مدينة القدس وهو في عقدة الخامس ومهما تعددت أسماء أيمن الشرباتي وضل لقب المواطن وهو ملاصق له كالظل ، المواطن هو صاحب الموقف العنيد والصلب لمواجهة اغراءات السجان وتحدي غرورة وعنده وعنجهيه رجل بجيش وجيش شجاع يسكن في رجل وصاحب الكلمة الطيبة بين السجناء وصاحب الموقف الوطني في كل وقت وهو الرجل المقدام سواء على المستوى الاجتماعي أو غيره ، اعتاد المواطن أن يكون شامخا في كل ساحة لم يتردد يوما في تحدي اعدى ضباط مصلحة السجون الفاشية ولم يتوانى عن خوض أي معركة شارك في كافة الاضرابات عن الطعام وكان آخرها ضارب سنة 2016م مع رفاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تضامنا مع المناضل بلال كايد ومن المعروف عن المواطن أنه يعمد بالقيام بفعل فردي استثنائي ولو على عاتقه الشخصي عندما تستفحل ممارسة السجان ضد اخوانه الأسرى أو حينما يلمس تقاعسا في أي جانب للأسرى على اجراءات السجان ، أحرق علما صهيونيا قبل سنوات في ساحة سجن ريمون بعد أن أزاله عن الجدار متحديا وحدة ادارة السجون ، وقبل عدة أشهر أحرق غرفة في سجن جلبوع وفي كل مرة كان المواطن يخرج منتصرا شامخا مرفوع الرأس بعد أن يذل ضباط الأمن ويجبرهم على الانحناء رغم معاناته ، ولمن لا يعرف فان احراق غرفة في السجن توازي عملية فدائية كبيرة ، أما انزال العلم الصهيوني واحراقه علانية فإنها توازي عملية استشهادية في قلب وزارة الدفاع الصهيوني والرد دائما من جانب ادارة السجون هو القمع الوحشي أسرى على مثل هكذا عمليات واليوم الثالث عشر من شباط من عام 2017م أنقل لكم مشهدا نادرا يشهد عل  بطولات هذا الرجل  وقبل أن أسجل هذا الموقف أروي لكم باختصار عن خلفية هذه الحادثة  أقدمت ادارة سجن جلبوع على نقل مجموعة من المناضلين بسبب اشكالية مع الادارة بمن فيهم ممثل القسم ومعهم كادرات وهذا ما سبب احتجاجات لكافة الأسرى في القسم مما اضطر الأخوة الذين أبلغوا بالنقل أن يحزموا أمتعتهم ويوافقوا على النقل خارج السجن خوفا من تفاقم الوضع ان هم رفضوا الانصياع لهذا القرار مما ولد مشاعر من النقمة والغضب من جانب عموم الأسرى في قسم 4 سجن جلبوع وبعد أن تم نقل الأخوة خارج السجن أقدمت الادارة على اغلاق ساحة القسم ومنعت الأسرى من الخروج للفورة الصباحية وبقيت الوقفة في قلوب الأسرى وكان الصمت مطلقا في هذا الصباح وفجأة كسر الصمت وتعالت مدة في الساحة فحلق الجميع على الأبواب والنوافذ اذ بالمواطن يتصلق الجدار وينزل العلم الصهيوني وبكل هدوء يبدأ بإشعاله أمام الجميع وقبالة مجموعة من الضباط والسجانين الذين تراقبوا مجحفين مذعورين دون أن يحكوا ساكنا ويهم يشهدون رمز دولتهم يحترق بيد المواطن ثم تدوسه أقدامه وهو يشتم ويتحداهم علانية وقف المواطن ابو العلاء شامخا كما اعتدنا عليه دائما ليمرر ادارة مصلحة السجن بالوشن ووحدة ونيابة عن الجميع أذلهم أذل أهم رموز الصهاينة وكان يعرف سلفا أن هذا الفعل قد يقود الى قمع السجن وانه هو شخصيا سيكون له عقوبته الخاصة وبعد أن أنجز المواطن عمليته الفدائية حمل حاجيته الصغير وتقدم بكل بسالة نحو الضباط متحديا لهم ، كان الجميع يهتف باسمه مثمنا بطولته محذرين العدو من أي مساس بهذا البطل ومن المعروف أن المواطن أنه يخرج من حنجرته صوتا أشبه بصهيل الخصان ثورة كل عملية نقوم بها على هذه الشاكلة دلالة على انتقامه للكرامة والكبرياء وفي هذه المرة سمعنا جميعا صهيل المواطن وهو يتبقى تحيات الأسرى وهتافهم صهل الحصان اذن مضى بكل ثقة الأرض وبم يتوقف ، صهل ذلك الحصان الأصيل ومضى شامخا لم تبدوا عليه انارات الرياء أو المباهاة لم يتفاخر لأنه يرى أنه يؤدي واجبا بسيطا وضريبة لائقة لمعنى الرجولة ، صهل الحصان وترك عيون الرجال تلمع فخرا واعجابا وتقديرا ، أعاد البسمة للشفاه والصفاء للصدور وتقذرت وجوه الأعداء واحتاروا كيف يردوا على هذا التحدي بعد أن ساقوا الحصان للزنازين دون أن يجرؤوا على المساس به ، لأنهم أدركوا أن أي مساس بهذا البطل سيقود الى ثورة حقيقية تشمل كافة أقسام السجن وللمداراة على ارباكهم وخيبتهم أحضروا علما أكبر بثلاثة أضعاف كي يزرعوه أمام العلم الذي أحرقه المواطن وأنزل معه خيبة دولة الاحتلال الفاشية ، لكنهم أزالوا العلم الجديد تعتريهم الحيرة وترتثي ملامحهم بالإرباك أحضروا علما أخر أصغر حجما وثبتوه مكان العلم السابق ولا يمكنك حين ترى العلم الجديد الا أن تشعر بأنه مهزوما ومحشورا في مكانه كعديد بعد أن أذل المواطن سلفه المحروق .

وأقول لك يا أخي ويا صديقي  أبا العلاء يا مواطن وبالنيابة عن اخواني ورفاقي في كافة السجون ، لم نفاجئ بهذه البطولة الجديدة وبعضنا كان يتوقعها سلفا ولكنها أضافت وساما جديدا لسلسلة الأوسمة الشاهدة على بطولاتك ، ولكننا كنا منبهرين بهذه العظمة وكنا نفصح فخرا بك لم نفاجئ ولكنا كنا نشتعل حبا لك واعجابا بك وأنبأنا لأفئدتنا أن تلتهج باسمك وبصورتك البهية وتعيد استحضار المشهد ، فوحدة المشهد أصدق من أي مثال ، لم نفاجئ بهذا الجنون الثوري ولكننا كنا واقفين واثقين أنك الأعقل منا جميعا وكنت الأكثر تعبيرا عن ارادتنا الثورية ولم يكون شعارنا بعد اليوم الا نعم للجنون فلتسقط أوهام التعايش بين السجين والسجان ، لم نفاجئ بهذا العناد كيف لا وأنت الخليلي المشهود له بالعناد ، وحتى لو عرفنا بنيتك المسبقة على هذا الفعل فمن منا سيكون بمقدورة أن يردك عن ما اعتزمت عليه ، كعادتك دائما لا تناقش أحد ولا تستشير أحد وكنت تعلم دائما أن القرارات الصائبة في الموقت الملائم هي الرد الصائب والملائم لم نفاجئ ولم تصيبنا الدهشة والمفاجئة هي أننا لم نتفاجأ وما هو رائع يا صديقي أنك لم تتردد ولم ترتجف لم نشاهد أي جزع من عينيك ، فوق كل ذلك لم تشعرنا أنك أديت دورا استثنائيا ، كان الأجمل في ذلك المشهد أنك كنت تلقائيا وعفويا وطبيعيا بما يليق بالرجولة في حضورها المتوهج ، كان الأجمل أنك كنت جميلا كالجمال ، وجليلا كالأنبياء ، وبريئا كالحمامة ، وصادقا كالنهار في ربيعة الظهيرة وعفيفا كالزاهدين ، اذهب يا مواطن بسلام ، فحتما سنلتقي ثانية في ساحة أخرى ستشهد لك ثانية على الشهامة الثورية فالرجال لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فقدرهم أن يخوضوا معاركهم في كل وقت وقدرهم أن يحملوا سلاحهم على أكتافه ولولا هذه البطولات فيكيف سيكون هنالك معنى لهذه الحياه وفي هذا اليوم ويا مواطن رأينا عودة الحركة الأسيرة الحقيقية بفعل يديك ، فقد ألهمت الجميع أن البطولة الفردية هي رمز للبطولة الجماعية ولكنها ليست بديلا عنها ، وتعلمنا منك اليوم درسا في الكرامة والتحدي والكبرياء ، وكان لسان حال الجميع يقول كلنا سنكون المواطن .

المجد يركع لك يا أبا العلاء

المجد يركع لك يا مواطن

سلمت يمناك ، نقبل جبينك الذي أعلى جباهنا ونقبل يديك اللتين أحاطتا بعرش العنجهية الصهيونية والى أن نلتقيك في ساحة أخرى مواجهة أخرى وبطولة أخرى ، لك منا جميعا اخوانك ورفاقك في كافة ساحات الأسر أصدق تحيات الرجال ومثلما رفعت قاماتنا نعدك بأن تظل القامات عالية الى أن تعود الحركة الأسيرة كما نريدها ويريدها كل حر وغيور ، حركة أسيرة مناضلة وشامخة ومتحدية وصامدة وصلبة لا تكسرها اجراءات وممارسة السجان ولا يشوه صورتها أصحاب الدكاكين والمارقين ولك منا جميعا كل المحبة والاحترام والتقدير

بقلم الرفيق / كميل أبو حنيش