بكلمات ممزوجة بالألم يخط قلمه لأمه

في عيد الأم، الأسير ثائر حنيني يكتب (من زنزانتي 94 إلى روح أمي)

الاسير ثائر حنيني وامه
المصدر / بقلم الأسير ثائر حنيني - مركز حنظلة للأسرى والمحررين

ليلة 21 من آذار هو يوم عيدك يا أمي فكل عام وأنتِ بألف خير وكل خير انتِ يا أمي.

 اسمحي لي بهذه المناسبة الغالية ان أطيّر لك قٌبلاتي وتحياتي واشتياقي لِحُضنك الدافئ، وأهديك الورد والفل على طريقتي الخاصة.

 عذراً أمي فلم تجمعني بك الأقدار أن أضع قٌبلتي الأخيرة على جبينك الطاهر، لم يسعفني الوقت كي أهديك الورد، كم هي صعبة وقاسية الأيام وتحملها يتطلب قدراً كبيرا من الشجاعة والإرادة فأنتِ من أخبرتني أن عبئ  الحياة يتحملها أولئك الذين يواجهونها بالإصرار والإرادة.

 ها أنا ما زلت أروضّ نفسي لأقنعها إن ما حدث ليس الموت وكيف تموتين وأنت ِالحياة  إلى قلبي وإلى الابد فأنتِ الجرح الذي لا يشفى حتى وان طال الزمن يبقى حياً، وفعلاً هل تشفى الجروح العميقة فذاكرتي مليئة بك، فكلما شعرت بالحاجة إلى استعادة كل المفقودات التي  تنام بقاع قلبي المتعب، تُتمتم بأذنيّ "قاوم لا تتخلى عني" فما يزال هنالك واجب وعهد لابد من تقديمه.

 لا أدري أمي ما الذي يدفعني للكتابة وكذلك لا أدري من سوف يرغب بقراءة نص يعرف مسبقاً وجع وجرح صاحبه هل هو ما يجوب بداخلي من اشتياق وحنين أم هو الألم الذي أخوض ببحره، لعلها الكتابة التي تشفي بعض الوجع أو هو الحنين الذي يسحبني شيئاً فشيئاً نحوه، أم هي الذاكرة، ام هما معاً حيث ظننت أنني كلما تخلّصت من التفاصيل وتناسيتها أجدها قد ازدادت توغلاً.

 كم أتمنى أن افتح عيناي على آخرهما وأجد نفسي خارج هذه الجدران لأكون بجانبك تمسحين بيدك برد السجون، وتضميني لصدرك وأغفو قليلاً حيث كما تعلمين عندما يأتي موعد النوم أراك، أرى وجهك مشع نورا، أسمع كلماتك بأذني تخترق  سراديب قلبي لازداد اشتياقاً وحباً فأخوض حرباً كل مساء لأغلب عيني قليلاً أحاول استدراج النوم  مرة وأخرى وفي كل مرة أواجه بفشل  متسلل  لأعود من جديد أسبح بأفكاري وحنيني المفتعل.

 دوماً أسترجع كل كلماتك همساتك لمساتك كل شئ ومن كثرة الإخفاق في استدراج النوم أكون مشعلاً سيجارتي مقرراً ألا اعود إلى أن يأتي هو  بنفسه عندها قطعاً يكون توقف قلبي عن الخفقان.

 ابنك المشتاق ثائر