التجربة النضالية للأسير صدقة

نادر صدقة مناضلٌ لا يلين أو يساوم

المصدر / خاص – مركز حنظلة للأسرى والمحررين

 

ما يجعل الانسان بطلاً هو انتماءه لقضية جماعية عادلة منجزاً عمله وعمل غيره، كأن مسئوليته عن سلامة القضية هي مسئوليته عن سلامته الخاصة ( فيصل دراج).

إن هذا المفهوم يحاكي تجربة ومواقف الرفيق نادر صدقة " السامري. فهو من الطبقة السامرية الذي حسم خياره وخاض الدرب الثوري، مؤمناً بحتمية  الانتصار، من مواليد مدينة نابلس عام 1977، عاش على قمة جبل جرزيم وعائلته من الطائفة السامرية، يُعرف عن نفسه بأنه عربي فلسطيني مناضل من أجل الحرية والحق، مواجهاً للظلم أينما وجد.

 عاش في مدينة نابلس وشارك منذ نعومة أظافره رفاقه نشاط المقاومة ضد الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى، وانتمى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خياراً ونهجاً فكرياً سياسياً ونضالياً، وعانى من إجراءات الاحتلال، ولامس معاني الاضطهاد عبر المشهد اليومي، تعرف خلال رحلة بحثه ونضاله عن كلمات الشاعر العراقي مظفر النواب، فحاكى بقصائده روحه الثائرة، وعرف ماذا يعني أن يكون الحزب وجه الانسان، وتذوق قصائد الشاعر الكبير محمود درويش والتي زادت به لفلسطين عشقاً وانتماءً وتمرداً، وعرف الشهيد غسان كنفاني فاختار جنته، وحسم خياراته، وتكشفت لديه معنى أن يكون نداً وخيار الثوريين الذي يقرعون جدران الخزان بقبضاتهم، وأدرك من يوليوس فوتشيك ماذا تعني الحياة، وماذا يعني الصمود، فهو دائم البحث والسؤال، وتعرف على تجربة الشهيد محمد الخواجا صموداً وتحدياً وحسماً للخيار في مواجهة الجلاد، وتجربة الشهيد إبراهيم الراعي، ومصطفى العكاوي، وحلّق عبر كلمات الشعر أحمد مطر ومعين بسيسو، وتساءل عن الشاعر الفلسطيني راشد حسين وهذا الغياب، ورأى بتجربة الشهيد ايمن الرزة مؤسس مجموعات النسر الأحمر أنها مشعل يضئ الطريق، ووديع حداد معلماً، والحكيم جورج حبش ملهماً.

مع نهاية الانتفاضة الأولى تفتّح وعي الرفيق نادر، والذي انشد للأدب وعشق التاريخ، فكان اختياره أن يلتحق بجامعة النجاح الوطنية لدراسة التاريخ  عام 1995-1996 ولكن هذه المرحلة شهدت تطوراً هاماً في تجربة الرفيق حين التحق بجبهة العمل الطلابي – الاطار الطلابي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، واصبح من نشطائها البارزين، واحد قيادتها المميزين، فهو صاحب الخط الجميل، وسيد الكلمة المميزة وصانع الدعاية الانتخابية، وراسم الشعارات والصور، و القاء الخطابات، وصاحب العقل الإبداعي المميز، والذي بادر وشارك وأعد فعاليات مميزة، وصاحب وعي وإرادة لا تلين يرى بالصعوبات والتحديات مشاعل عمل وفعل لا تستطيع أن تحول دون تحقيق الهدف.

تخرج رفيقنا من جامعة النجاح عام 1999-2000 وهو كما كل مناضل يرى بأن البديل الثوري هو البديل الحقيقي لمشروع التسوية، انخرط في الحياة اليومية بعدما تخرج لكنه لم يسقط الدور الوطني المطلوب منه، فكان نموذج للمناضل الذي يحافظ على الدور المطلوب منه في أحلك الظروف.

 وما أن اندلعت انتفاضة الأقصى حتى كان من أوائل المستجيبين لنداء الوطن، فأصر على الالتحاق بالجهاز العسكري للجبهة، والذي عمل تحت اسم قوات المقاومة الشعبية، رغم ما يترتب على ذلك من استحقاقات تلحق به وعائلته المناضلة؛ فأبناء الطائفة السامرية يتواجدون في مدينة نابلس وهم أبنائها، يسكنون في حي بشارع النجاح القديم، وعلى قمة جبل جرزيم، ليلاحق بعدها رفيقنا من قبل قوات الاحتلال، ويضيق على أبناء عائلته، خصوصاً بعد تنفيذه عملية "جران فرش" حيث تم استهداف موقف تمركزت قوات خاصة لقوات الاحتلال، قتل خلالها ضابط وجندي، وأصيب آخرون ليشارك في عملية استهداف معسكر الحمرا بالأغوار، وليشارك إلى جانب الشهيد القائد فادي حنيني المهندس الأول لكتائب الشهيد أبوعلي مصطفى والرفيق الشهيد جبريل عواد في العديد من العمليات واللذان استشهدا بعد ذلك.

 كان رفيقنا إلى جانب الشهيد البطل يامن فرج قائد كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى، والشهيد أمجد مليطات حين أقسموا على الرد على جريمة اغتيال الرفيقين فادي حنيني وجبريل عواد فكانت العملية الاستشهادية التي نفذها الرفيق الاستشهادي ثائر حنني في مدينة " بتاح تكفا"  والتي قتل خلالها اربع جنود وأصيب آخرون، وأصبح رفيقنا إلى جانب الرفيقين يامن وأمجد وبشار حنني من أخطر المطلوبين لما يشكلوا من رمزية ومجد وحضور وامتنان وفخر من قبل أبناء الشعب الفلسطيني.

 بعد استشهاد البطلين يامن وامجد أصبح الرفيق نادر قائد كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى حتى يوم اعتقاله بتاريخ 17/8/2004 .

 بوعيه الثوري ادرك الرفيق نادر بأن الأسر ساحة مواجهة أخرى من النضال ضد الاحتلال، وعدم إعطاء مشروعية لمحاكمة المناضل الفلسطيني؛ فرفض رفيقنا التعاطي مع ما تُسمى المحاكم العسكرية أو الوقوف أمامها،  مؤكداً على موقفه بأن من يجب أن يحاكم هو الاحتلال، وعلى اثر هذا الموقف الصلب تم اصدار حكم انتقامي بحقه بالسجن المؤبد 6 مرات.

خلال تجربته النضالية تنقل الرفيق من عدة سجون (نفحة، شطة، جلبوع، ايشيل، رامون)، إضافة إلى تعرضه للعزل لمدة شهرين.

 ويعتبر الرفيق من أبرز قيادات منظمة فرع السجون، وعضو هيئتها القيادية، وفي سياق تجربته خاض الرفيق اضراب عام 2011 لمدة 21 يوماً، واضراب عام 2012 لمدة 28 يوماً، واضراب الرفيق بلال كايد لمدة 24 يوماً.

 تطورت قدرة نادر الثقافية، وظل صاحب حضور وتأثير، وبقي الفنان الذي يعد للانطلاقة، شعاراتها وكلماتها، ولا يزال يهوى الشعر ويعشق اللغة العربية ويتحدى السجان ولا يلين أو يساوم.