الإهمال الطبي أسلوب ممنهج للممارسة التعذيب

الأسير الشهيد ياسر حمدونة من ضحايا سياسة الإهمال الطبي (تقرير ومقابلات مع الأسرى)

ياسر حمدونة ووالدته
المصدر / مركز حنظلة للأسرى والمحررين

الأسير الشهيد: ياسر حمدونة من قرية يعبد ابن لأسرة تشربت معاناة اللجوء من قريتها عام 1948، حيث كان ناشطاً في صفوف حركة فتح منذ نعومة أظافره، اعتقل أكثر من مرة منذ كان طفلاً، كان أول اعتقال له في الانتفاضة الأولى،  ثم توالت اعتقالاته التي لم تثنيه عن مزاولة نشاطاته المختلفة.

 وبعد خروجه من السجن تزوج شهيدنا ورزق بابنه أدهم، ولكن انتماؤه لوطنه وثوريته وقضيته جعله يتصدر للعمل العسكري منذ انطلاقة انتفاضة الأقصى،  فكان من الطليعيين في تشكيل كتائب شهداء الأقصى التي أخذت على عاتقها انتهاج العمل المسلح.

        وقد نفذ عبر هذا الإطار عدة عمليات نوعية، أهمها  حين نصب كمينا لأحد ضباط المخابرات الصهيونية الذي كان يأتي إلى قريته مدعياً أنه تاجر فحم، ولكن الفطنة والذكاء والحس الأمني العالي جعلت الشهيد ياسر يدرك حقيقة هذا الضابط الصهيوني وطبيعة عمله المتمثلة بجمع المعلومات، ومحاولة تجنيد تستهدف أبناء القرية، فقام برفقة أبناء خليته بتصفية هذا الضابط، مما جعل من هذه الخلية مستهدفة بقوة من قبل جهاز المخابرات الصهيوني، الذي قام  باعتقال الشهيد مع عدد من أفراد خليته والحكم عليه بالسجن المؤبد، وقد رزق بعد اعتقاله الثاني بابنه محمد.

ولد الشهيد في شهر يناير عام 1975 وتربى يتيما، له اخ وشقيقتين وكان قد ترك دراسته لمساندة والدته بتربية اخوانه حتى اعتقل بتاريخ  يوليو عام 2003 .

على صعيد حياته الاجتماعية داخل الأسر

كان الشهيد رمزاً للتفاعل الاجتماعي والإنساني مع أبناء الحركة الأسيرة أينما وجد،  وقد كان خدوماً و معطاءً، ولم يسبق وأن رد طلباً لأي أسير قصد مساعدته، فقد كان مؤمناً أن الاعتقال هو جزء لا ينفصم عن النضال الذي يجب استكماله.

 كان يتمتع بصفات وسمات مميزة على رأسها الصدق والاحترام والمبادرة لخدمة واقعه، ولا يكاد شخص عاش معه في ذات القسم إلاّ وربطته به علاقة إنسانية.

        كما انه جسد انتماؤه لوطنه وقضيته عبر تعامله مع الأسرى صغار السن وحديثي التجربة وتقديمه لهم مساعدات تتركز على توعيتهم حول سياسة الاحتلال وأهدافه، كما كان من السبّاقين للمشاركة بكل فعالية داخل السجن أو القسم إذا كانت مناسبة حزينة أو سعيدة، لدرجة أن الجميع افتقده مرتين الأولى في حين استشهاده، والثانية حين لم يروه في بيت العزاء الذي أقيم من أجله.

رحلة الشهيد ياسر ومعاناته مع المرض:

اكتشف مرض ياسر بالقلب وهو في سجن "جلبوع" الإسرائيلي  اثر تدهور في حالته الصحية، ونقل على اثرها إلى مستشفى العفولة، وتبين أن لديه مشكلة في عضلة القلب استدعت إجراء عملية قسطرة على الفور، إلاّ انه رفض أن يسلم لكونه مريضاً  فاستأنف حياته بشكل طبيعي واستمر في ممارسة التمارين الرياضية لدرجة انه كان ينزعج ويتضايق ولا يذّكر أحد في حالته المرضية.

في ما يخص عيادة مصلحة السجون

 فقد أجرت له عدد قليل من فحوصات الدم والبول وهذا ما فرضته عليه فحوصات العيادات حيث أنها أهملت الجوانب المتعلقة بمرضه ولم تكن لتكتشف مرضه وتدهور حالته.

 وكان قد استدعى لفحوصات مشابهة لا يمكن أن تساهم في عملية شفاؤه فيما يُسمى بمشفى الرملة، فكان خشية الشهيد من هذه الرحلة مما تخلفه من معاناة ومشقة وتفاقم من سوء وضعه الصحي، ومن وضع أي أسير يسلك هذه الرحلة عبر "البوسطة" التي هي عبارة عن صندوق حديدي مغلق يفتقر دون الحد الأدنى من متطلبات الرحلة والسلامة، وهذا جزء بسيط من سياسات الإهمال الطبي التي تتبعها إدارة مصلحة السجون منسجمة مع سياسات الكيان بقتل روح النضال الفلسطيني، وكذلك الجسد النابض بالحرية والانتفاضة .

(*) تم إعداد هذا التقرير عبر مقابلات مع الأسرى (موسى سراحنة، فارس فريحات، علي عليان، عمار السمعان،  خليل سراحنة، علي صبيح ) وجميعهم متواجدين داخل القسم المتواجد فيه الشهيد ياسر حمدونة