رسائل عبثية..لأم حاتم الجيوسي في ذكرى اعتقال بِكرها

05056fb0-f687-42d3-9a2d-1c7ab7fa049e.jpg

بقلم: دعاء الجيوسي.
عزيزتي إم حاتم....
أو لِنَقُل خالتي نادية...التي كان بيتها علامة تحديد الطريق من بيتنا في الحارة الجنوبية إلى مدرسة إشبيلية الإبتدائية وسط طولكرم،،، كبرنا يا خالتي أنا وأبناء جيلي قبل الآوان منا من إشتعل رأسه شيباً أو ألهبت سنوات السجن عُمره وبددت سنينه ومنا من أكلته الحياة،،،وأنتم كذلك كبرتم حتى باتت يد القدر تتخطفكم قبل أن يُكمل الشيب لوحاته السريالية على رؤوسكم.....
أم حاتم وأنت بنت الأرض والإنتفاضتين....يا شهيدة الوجد والحُزن الدفين......أنتم تقولون أن جيلكم هو الأشد مظلومية بين الأجيال الفلسطينية أما نحن فنقول إن كان جيلكم عاش المظلومية جُلها فإن جيلنا اليوم يدفع الأثمان كلها....نحن يا خالتي شعب قدره أن يكون عبثياً في كل شئ في الخلاف والجدال....في الثورة وحلم الدولة.....في التناسي...وعبادة الكراسي.....عبثيتنا طالت كل شئ إلا الحب....نحن نحب بصدق وتَطرف وإن جاءت النتائج عكس ما نرجو أو قتلنا من نحب... نعشق الأرض وفي الطريق إليها نضيع في متاهات الغُربة والمنافي نُحب أمهاتنا فنُبدد أعمارهن بكاءاً وطراداً على أبواب السجون.....تشغفنا البنادق ولهاً فنلقيها على قارعة الطريق عندما يُلوح لنا الدليل الكاذب بيديه.....وعلى هذا المنوال تمضي أيامنا نُحب الجليل ونرضى بالخليل ثُم نُضيع الإثنتين معاً.

خالتي نادية....وأنت بين يدي ربك حيث الحُب الذي لا ينضب ولا يشوبه عبث حَرِرِي قلبك من السجون والطواف في دهاليزها فحاتِمُك سيغادرها ذات يوم وطَهري آذانك من حديث الساسة ووعودهم فوحق من أنت في رحابه لن يزيدوا عبث أيامنا إلا عبثاً.

أم حاتم الحبيبة اليوم دخل حاتم عامه التاسع عشر في السجون وربما سيدخل أعواماً أخرى قبل أن يتحرر وعندها سيبكيك بحرقة كما فعل وفعلنا يوم الرحيل الفاجع وأنت لن تغني له....يما الفدائي عبر من فوق خط النار ولن تنثر عجائز كور الزهر والأرز على رأسيكما....ولن تُلمح صبايا طولكرم أو تصرح لك بحبهن لفارسك القادم من بعيد....أمهات كُثر يا خالتي رَحَلن وفي القلوب ما فيها من مواجع بينما نحن لانزال على حالنا نغرق في العبث ونُمرغ جباهنا فيه برغبتنا أو دونها لا فرق.....الحرية لحاتم ولروحك المجد حيث تقطن وعلى الأرض المقاومة حتى يزول العبث والدنس والاحتلال والأغلال.