بيان صادر عن منظمة الجبهة الشعبية في سجون الاحتلال بالذكرى الثالثة عشر لرحيل الحكيم "جورج حبش"

f9ea74ef85a979e26e5a1db1a582daa3 (1).jpg

شعبنا العظيم المناضل..

نحييكم بتحية فلسطين وبعد،،

في ظل الأوضاع الصعبة والمعقدة التي تمر فيها أمتنا العربية عمومًا والشعب العربي الفلسطيني بشكلٍ خاص، نستذكر أحد أبرز قيادات الوطنية والقومية والذي آمن بحتمية الانعتاق لشعوبنا العربية وتحريرها، إنه حكيم الثورة والأمين العام المؤسس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق الدكتور "جورج حبش"، والذي شكَّل حالةً ثوريةً ومدرسةً أخلاقيةً، وهو الذي قد كرَّس جَّل حياته من أجل القضايا الوطنية والقومية والأممية، إنه الطبيب الذي استبدل مبضعه بالبندقية حاملًا هموم اللجوء مع شعبه، قاسى فصول التشرِّد بعيدًا عن الوطن بعد أن واجه تطهيرًا عرقيًا حلَّ بمدينة اللِّد كما حلَّ بعموم فلسطين.

إنما أيضًا كان المدرسة والمفكر الذي خاض الإضافة النوعية على الفكر السياسي الفلسطيني، فرؤيته شكَّلت نِبراسًا لتضحية طويلة من الشهداء والمناضلين الذين ضحوا بحياتهم إيمانًا بفكرة صاغها الحكيم الذي لم تغب عنه يومًا فلسطين ولم تهاجره ولازمته طوال حياته المليئة بالنضال والكفاح، وهو الذي وُلدَ من رحم النكبة يرسمُ تاريخًا مشرقًا ملئه الإيمان بعدالة قضيتنا الوطنية وحتمية هزيمة المشروع الصهيوني الاستعماري الكولينيالي عن فلسطين، كل فلسطين.

أيها الأحرار،،،

ودَّعت جماهيرنا في هذا اليوم قبل ثلاثة عشر عامًا رجلٌ إستثنائي ومناضلٌ يحمل كل صفات النُبل الإنساني والأخلاق الثورية والصلابة السياسية، رجلٌ شكَّل التحامًا مهما مع كافة حركات التحرر العربية والأممية في مواجهة الإمبريالية والصهيونية، وأمسى قائدًا أمميًا ترك بصماتٍ واضحة وجلية على سياق الصراع العالمي باسم الحرية والعدالة الاجتماعية، فأحبته جماهير شعبه مثلما أحبته الجماهير الكادحة والمناضلة في أبقاع الأرض، فهو الذي آمن بالعلاقة الجدلية والترابط العضوي بين النضال العربي الفلسطيني ونضال كافة الشعوب المقهورة ضد الإمبريالية العالمية والاستعمار.

وفي نفس الوقت شدَّد على العلاقة الجدلية بين البعد القومي العربي والبعد الوطني الفلسطيني ولم يغرق في فكرة ضيقة وزرع فينا الأمل نحو إقامة مجتمعٍ عربي اشتراكي موحد.

ولد الحكيم في العام 1925م لعائلة ميسورة من مدينة اللِّد، ودرس الإبتدائية في مدارسها، وأكمل دراسته الثانوية بين يافا والقدس، وانتقل إلى يافا ليُدرِّس في مدارسها قبل إكماله السادس عشر، وفي العام 1944م انتقل إلى بيروت لدراسة الطب وتخرَّج منها طبيبًا عام 1951م، وقد عاد أثناء ذلك إلى اللِّد عام 1948م في بداية الهجوم الصهيوني على فلسطين وشعبها، وقد عمل قبل إتمام دراسته في مستشفى اللِّد التي استقبلت الشهداء والجرحى على إثر المواجهة الدامية مع الصهاينة الذين غزوا المدينة ودفعوا الأهالي إلى الهجرة والتي كان الحكيم معها ليشاهد بكل جوارحه المأساة الفلسطينية التي تعمَّقت به حتى النخاع وعمل لها حتى النفس الأخير.

بعد النكبة عاد إلى بيروت لإكمال دراسته في جامعتها الأمريكية، وهناك انضم إلى جمعية "العروة الوثقى" التي بشَّرت بالفكر القومي العربي وبالوحدة العربية كطريقٍ لتحرير فلسطين ومهبط الأمة العربية، وقد اُنتخب الحكيم نائبًا لمسؤولها وقد أضحت بجهوده وجهود رفاقه منبرٍ للفكر الثوري وأنشأت كتائب الفداء العربي كنواةٍ أساسية لحركة القوميين العرب بقيادة الحكيم في العام 1951م، والتي وقفت في وجه مشاريع التجزئة التي قادتها الإمبريالية العالمية والرجعية العربية، واشتهرت بفضل شعاراتها والمد القومي العربي من محيطه إلى خليجه، إلى أن خاضت تجربتها الفعلية في حرب حزيران 1967م والتي أسست بنتائجها لنهضةً فكرية وسياسية وتنظيمية طالت كل أبعادها ومركزت قوتها وتوجهها، وقد وقف الحكيم ورفاقه في وجه تلك الهزيمة ليُحولوا النكسة إلى ومضة أمل تمثَّلت في تشكيلهم للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي قادها حكيمنا خلال عقود وعُرف بها حتى رحيله.

لقد كان الحكيم عبر نضاله وفكره وتصديه يعرف المشروع الصهيوني أنه بالأساس مشروع استيطاني قتالي يستهدف الوجود الفلسطيني والأمة العربية، لذا فقد شدَّد على ضرورة دحر الاحتلال الذي يسعى إلى استكمال التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق شعبنا، فهو الذي رفض مشاريع التسوية الهزيلة وآمن بترابط كافة أشكال النضال العنيفة والسلمية، مؤكدًا أن الكفاح المسلح هو أرقى هذه الأشكال وأنجعها بهزيمة الاستعمار ومشاريعه، كما دعى الحكيم في كافة المناسبات إلى تعزيز الوحدة الوطنية وأكَّد على اتحاد الكل الفلسطيني والتحالف الوطني بين كافة الطبقات والجهات صاحبة المصلحة في عملية التحرير هي سبل الإبقاء على جدوى الكفاح الفلسطيني وصموده حتى الانتصار والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وحرة الإرادة على كامل التراب الوطني الفلسطيني.

 

أيها المناضلون،،،

إن ذكرى الحكيم هي ذكرى للتأكيد على الوحدة والثوابت الوطنية وعلى الكفاح الوطني بكافه أشكاله وعلى الترابط الوطني والقومي والأممي وحتمية الانتصار على المشروع الصهيوني ومن خلفه الإمبريالية العالمية، وهي ذكرى للتأكيد على الخط الثوري ونهج المقاومة والبعد القيمي والأخلاقي لقائدنا ومعلمنا وحكيم ثورتنا جورج حبش.

عاشت ذكرى الحكيم قائدٌ ومؤسسٌ ومعلمٌ..

المجد والخلود للشهداء..

عشتم وعاش الوطن..

وإننا حتمًا لمنتصرون..

رفاقكم في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - منظمة فرع السجون

26-1-2021