الأسير الصحفي الرفيق منذر خلف مفلح من قلب زنزانته يكتب

حين تكتشف روعة الآخر "ربيع الشباب في أمريكا"، بقلم الأسير الصحفي منذر مفلح

2de7d297b34d817cc288a9385ed6840b

حين تكتشف روعة الآخر "ربيع الشباب في أمريكا" - بقلم الأسير الصحفي منذر مفلح - مركز حنظلة للأسرى والمحررين

 

لطالما ارتبطت أمريكا في أذهان الشعوب، وتحديدًا الشعوب العربية، فالاستعمار الجديد والاستغلال، والجشع الرأسمالي، ونهب خيرات الشعوب، والعربدة، والقرصنة... إلخ من الصفات، التي خبرناها نحن الفلسطينين، عبر الدعم الأمريكي اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي الصهيوني" لفلسطين، وآخرها الاعتراف بالقدس "عاصمة لدولة إسرائيل"، وصفقة القرن.

وهو -للأسف- ما طبع في أذهاننا سوء أمريكا، وسوء سياساتها، ولم نفرق، ما بين الساسة "النخبة الرأسمالية، المتحالفة مع رؤوس الأموال، والمجتمع الصناعي العسكري" الذي يتحكم بالسياسات الأمريكية، ويجعلنا ننقم على كل ما هو أمريكي نتيجة عقود طويلة من الألم الذي تلقيناه نتيجة السياسات الأمريكية الخاطئة في العالم والمنطقة، وتجاه الشعوب.

لقد اخترق استشهاد المناضلة "راشيل كوري" تحت جنازير الجرافات والدبابات الصهيونية، وعينا وشرح الصورة النمطية للأمريكي المعتدي، بإلاضافة لغيرها من نضالات الشباب الأمريكي، وخاصةً مساهمته في حملة مقاطعة إسرائيل وحملة المقاطعة الأكاديمية في الجامعات الأمريكية.

ولكننا اكتشفنا روعة الآخر في "ربيع الشباب الأمريكي" الذي انتفض في مواجهة السياسات اليمينية العنصرية للنخبة الأمريكية الحاكمة التي يمثلها ترامب، إثر مقتل الشاب "جورج فلويد" على أيدي عناصر الشرطة الأمريكية.

هذه الحادثة التي يحاول الإعلام الأمريكي المرتبط بالنظام ورأس المال، إظهارها بأنها (أبيض/أسود)، وأيضًا يحاول تشويه المظاهرات، بإظهارها بأنها مجرد عمليات نهب وحرق وتخريب وعنف، يسانده في ذلك الإعلام الإسرائيلي، ومن يدور بفلكه.

       لقد ترافقت حالة العنف الشرفي تحاه فلويد، بحادثة العنف الرسمي للشرطة الإسرائيلية تجاه الشاب ذو الاحتياجات الخاصة "إياد الحلاق - القدس"، ولم نجد أي صوت يخرج في المجتمع الصهيوني لإثبات إنسانيته لا من يسار ولا من يمين، شخصية صهيونية "يهودا غليك" زارت الشاب، كان هدفها امتصاص أية ردات فعل مشابهة لتلك التي حدثت في أمريكا، وليت فلسطيني الداخل يفعلون.

إن مظاهر الاحتجاج والمظاهرات والوقفات التي تملأ ميادين وشوارع أمريكا، لا يقوم فيها الفوضويون واللصوص، وإنما يقوم بها شباب من الأعراق، وبشكل منظّم، تشمل فئات وقطاعات الشباب والمرأة والطلاب، والموظفين من الفئات الدنيا، وفئات أخرى وبشكل يثير الإعجاب، ويؤكد لنا روعة الشعوب، بعيدًا عن قذارة السياسة.

الأهم أن هذه المظاهرات ودون أن نقع في فخ الإعلام، الأبيض قبل الأسود ويشارك بها ممثلون وإعلاميون وساسة، وشاهدنا عدد من عناصر الشرطة ينضم إليها، وهي وإن أشعلتها قصة مقتل جورج فلويد، إلا أن لها أسبابًا أكثر عمقًا، طبقيًا، واجتماعيًا، وإنسانيًا، وسياسيًا، واقتصاديًا، تُدلّل على عمق الأزمة التي يعيشها النظام الرأسمالي السياسي الأمريكي وسياساته الداخلية والخارجية.

حين أشاهد الوقفات والمظاهرات -بعض اللقطات التي لا يستطيع الإعلام تشويهها- عبر اظهارها بأنها أعمال عنف، أعترف أنني أقدّر عاليًا روعة الشباب الأمريكي والشعب الأمريكي بعيدًا عن سياسة النخب، وأقدّر مدى إنسانيته، وكم أتمنى أن أكون بين أولئك الذين يعيدون للشعب الأمريكي كلمته، وإظهار جمال وروعة صورة هذا الشعب، والألم الذي يعانيه تحت سياسات النظام الرأسمالي المتوحش، تمامًا كالشعوب الأخرى.

إن الشباب الأمريكي المنتفض في شوارع أمريكا، يحمل صوتي، واحتجاجي في مواجهة السياسات الأمريكية أنه يمثلني في رفض العنصرية، والعنف النظامي الذي يمارسه النظام الأمريكي في الداخل والخارج، ورفض أفقها واضطهاد الشعوب، ويمثل نضالاتنا أيضًا ضد "إسرائيل" وعنفها وعنصريتها وإرهابها واستغلالها واستيطانها.. إلخ.

التحية للشعب والشباب الأمريكي المنتفض.
ولندعم المنتفضين الأمريكيين لإعادة الإنسانية للشعب الأمريكي وبقية الشعوب.
بوقفات إحتجاج على مقتل الحلاق ومساندة المنتفضين.

 

الأسير الصحفي: منذر خلف مفلح
سجن ريمون