اللجنة الاعلامية للجبهة الشعبية في سجون الاحتلال تكتب

اغتيال قاسم سليماني

تنزيل

بالآونة الأخيرة وفي ظل بداية ثورة الشعب العراقي من أجل التغيير وطرد الوجود الأجنبي ورفض الوجود الإيراني، بعد إدراك الشعب الأهمية الكبرى في تحقيق مطالبه وتقرير مصيره وانتخاب ممثليه وبعد مقتل ما يزيد عن 250 مواطن وجميع هذه الأحداث التي تشكل خطر استراتيجي على الوجود الأمريكي في المنطقة والمصلحة الصهيونية كذلك تركزت الأنظار الإمبريالية إلى منطقتين رئيسيتين الأولى سوريا ولبنان، والثانية العراق لمحاولة ضرب أي مشروع وطني أو وحدوي، فتمثلت ضربات للكيان في العراق وعبر الطائرات المسيرة لمواقع فصيل "الحشد الشعبي" كرسالة تحذير أولى وجس النبض، وبعد الرد العربي وتلاها الاتفاقات السعودية الأمريكية الإسرائيلية للمنطقة الآمنة البحرية بعدم خطف السفن وما إلى ذلك...إلخ، وليتلو ذلك مباشرة استغلال الأوضاع السورية واللبنانية الأخيرة من الجانبين، الأمريكي بالسيطرة على موارد البترول السوري والثانية باستغلال إسرائيل ضرب قواعد "حزب الله" بسوريا واغتيال عدة قيادات، وبترابط هذه الأحداث وغيرها والصراع الأمريكي الإيراني والاتفاق النووي، يأتي بالون الاختبار المفجر على صعيد هذه الساحات، وهو اغتيال قائد فيلق القدس "قاسم سليماني" بشكل مفاجئ وصراحة أمريكية وبإعلان "ترامب" عن ذلك ولعدة أسباب منها : عدم تحقيق أي مصالح وطنية، أو انجاز مشاريع تهدد الوجود الأمريكي، والمخططات الإيرانية التي رسمها الرجل الإيراني الثاني القاسم سليماني لضرب مصالح أمريكا، ونقل الأنظار من المنطقة وتحييدها وأسباب كثيرة لمصالح الدول الإمبريالية والرجعية، ومن أبرزها الدعم الإيراني لعدد كبير من الفصائل في الوسط العربي من اليمن وإلى العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وعلى صعيد اغتيال القاسم فلم تتأثر المنطقة على صعيد التحالفات بل زادتها القوة وكان الخطاب الإيراني واضح بأول تصريح وهو إنهاء الوجود الأمريكي بالمنطقة، وتعد الخطوة الأولى النوعية منذ تاريخ وعقود من الزمن، وهذا التصريح يؤدي بدوره إلى توجيه الأنظار إلى البعبع الأمريكي من كافة القوى الإسلامية أولًا والتقدمية والوطنية ثانيًا في جميع الوطن العربي والذي يؤكد ذلك هو قصف القاعدة الأمريكية بالعراق وهي القاعدة الأكبر في المنطقة أو الأقدم، وحتى لو لم يكن هناك أي إصابات أو قتلى بحسب ادعاء ترمب الأخير، فالضربة وحدها تكفي لكسر الإدارة الأمريكية التي تتغنى دائمًا وتعاقب وتفرض سياساتها على الجميع، لتتشكل مرحلة جديدة ونقلة نوعية الآن في المنطقة وزعزعة أمن الكيان الصهيوني الذي لم يسلم من التصريحات الواضحة الإيرانية مع تصريحات وتهديدات القائد "حسن نصرالله" ودعمه الكامل ودعوته لوحدة جميع الفصائل للقضاء على الخطر الصهيوأمريكي، ولو أردنا قراءة كلمة ترامب الأخيرة في ظهوره القصير الذي لا يعبر عن شيء بخصوص الأمن الأمريكي بشكل مباشر إلا أنه قال بداية ووجه عدة رسائل منها الرسالة الواضحة لدول الخليج بأنه لديه اكتفاء ذاتي اقتصادي وخصوصًا بوجود الغاز الطبيعي، ورسالة أخرى إلى روسيا في آلية سباق التسلح، لأنه لديه صواريخ فوق الصوتية مما يصعب الحرب الباردة الروسية-الأمريكية، علمًا أن هذا لن يؤثر في شيء في روسيا وباقي الدول، وكان في حديثه اتهام واضح للرئاسة السابقة بما معنى دعاية انتخابية نفس له في الدورة الثانية، ورغم ذلك كله فكان هناك تماسك في المنطقة العربية من الفصائل العربية الوطنية بجانب إيران، ومعادلة جديدة لتوازن القوى، وبالجانب الآخر كان هناك تفكك أجنبي واضح بتحييد الوجود الفرنسي وخروج الوجود الإسباني وانتظار قرار بريطاني علمًا أن بريطانيا لم تنسحب من المنطقة لنفس أسباب الوجود الأجنبي وعدم تدخل الكيان حتى اللحظة ليخرج قائد القوات الجوية للحرس الثوري ويعرض صورة تنافي ما قاله ترامب في تصريحه، وكذلك الإعلان عن اجراء عمليات كبرى تستهدف الوجود الأمريكي، ولو نظرنا إلى ترامب وظهوره بالشكل المعتاد عليه وعدم وجود عسكري خلفه أو أي قيادة عسكرية بمعنى التصعيد أو الهجوم، باستثناء وجود رئيس الأمن القومي والمستشارة، مما يعني ويحسن رد عسكري أو إعلان حرب ضد إيران، لكن لا شيء حدث من هذا القبيل، بل زيادة عقوبات ضد إيران وعدم منح ترامب قرار لشن الحرب إيران بسبب احتكامه للكونغرس الأمريكي وقراراته والمجالس الأمريكية وقرار الأمن القومي، والسؤال هنا : ما الفروض أن يكون من الشعب الأمريكي ؟ ترامب إلى أين ؟.

 

أما على الصعيد الإيراني، فقد قررت رفع مستوى التخطيط إلى الدرجة الخامسة وأنه لم ينتهي ردها بعد، فمن خطر الوجود الأمريكي إلى خطر التحالفات العربية بالمنطقة الذي يهدد هذا الوجود، والأنظمة الرجعية المتمثلة بالسعودية ودول الخليج، فلو نظرنا إلى النقاط السياسية لوجدنا أن الجبهة القادمة عندما تفتح شعلتها وتدق طبولها ستكون بشكل كبير ووحدوي أيضًا، من إيران بداية والحرس الثوري والحشد الشعبي بالعراق ،وحزب الله العراقي وباقي الفصائل، وجبهة أخرى من الحوثيون باليمن والتي لعبت دورها الأكبر في خنق السعودية لدرجة أن ضربة واحدة لقاعدة بترول أوقفت جميع الخليج والسعودية، وجبهة أخرى لبنانية فلسطينية على الدولة الصهيونية، ودعم باقي الفصائل الفلسطينية، خروج شاويش أوغلو ليعبر عن وقوفه غير المباشر ضمنيًا مع إيران وتعاطفه معها، ووجود أسلحة روسية بأيدي الفصائل كالصواريخ الباليستية الروسية الصنع، ومع كل هذه المعطيات فشرارة الحرب الأولى تنتظر من يشعلها، فالأدوات والوسائل موجودة كذلك لكن السؤال المهم هنا ليس حصول الحرب أو المواجهة، بل إلى متى يمكن الاستمرار خصوصًا بعد التطورات الأخيرة على الساحة السياسية بالمنطقة؟، وهل سينفع أمريكا لعبها على التناقضات وفرض عقوباتها على الدول بعد ما أصبحت القواعد الأمريكية مباحة الآن ؟.

 

كتابة الأسير: محمد إدريس عسكر-سجن نفحة