الرفيق الأسير الشاعر كميل أبو حنيش يكتب سلسلة من الحلقات بعنوان

وقفات مع الشعر الفلسطيني الحديث

كميل

العنوان العام

وقفات مع الشعر الفلسطيني الحديث

الحلقة الأولى: تأملات وأحزان وروح التمرد التي تفح من بين النصوص الشعرية للشاعرة شذى أبو حنيش

 

اطلعت على ديواني الشاعرة الشابة شذى أبو حنيش الأول بعنوان (حبٌ يحوم كبعوضة مُزعجة) الصادر عام 2015، والثاني بعنوان (أغوتني الهاوية) الصادر عام 2019، والمُلفت بالانتباه أن اللغة الشعرية في نصوص الديوانين تحمل ذات الدلالات والمعاني والبوح الأُنثوي وكأنهما ديوان واحد يحمل ذات الرسالة والتشابه الواضح في بعض النصوص واستخدام ذات الرموز والأسلوب، وقد استوقفني تلك الشفافية الواضحة والجمالية العالية والجرأة وروح التمرد والرغبة بالانعتاق والحرية الى جانب بعض التأملات الوجودية في هذه النصوص، كما ادهشتني الشاعرة بجرأتها في ابراز ذاتها الأُنثوية وهمومها من خلال البوح بلغة شفافة وجريئة وإبراز حاجات المرأة وما تعانيه من إشكاليات، فضلاً عما حملته النصوص من صور فنية وتعبيرية ولم تسعى الشاعرة للاختباء خلف الرموز ولغة التجريد والاستعارات المُبهمة وإنما سمت الأشياء بمُسمياتها في لغة شفافة وجميلة وسلسة تحمل في طياتها أَنَفة المرأة وكبريائها وكرامتها وارادتها القوية رغم الأحزان التي تفوح من بين النصوص.

كما أن النصوص الشعرية في الديوانيين تعكس شغف المرأة للحرية والرغبة في الانعتاق كما وتعكس مشاعر الألم والإحباط والإصرار على التحدي.

ورغم أن هذه النصوص تأتي في  صيغة الأنا الشعرية والذات الأُنثوية لأنها الأنا المُعبرة عن المرأة في كل مكان بل وتحمل في بعض النصوص تعبيرات انسانية تتجاوز الذات الأُنثوية، فهي تتحدث عن الإنسان عموماً ولا يُمكن التمييز لغة الذكورة عن لغة الأُنوثة في بعض  هذه النصوص، وبالتالي فإنه من الخطأ اختزال الديوانين بمجرد نصوص تعبر عن حاجات الشاعرة والمرأة الروحية والعاطفية والحسية بدون ربطها بواقعها الموضوعي التي تغذت منه هذه النصوص في مرحلة تاريخية تغص بالتطورات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية المُعقدة سواء على الصعيد المحلي الفلسطيني أو على الصعيد العالمي.

وأثناء مُحاولتنا لنقد وتحليل بعض هذه النصوص وتسليط الضوء على البعض الزوايا الغامضة والمُركبة في محاولة تفكيكها وإعادة تركيبها سنرجع الى الإشارة الى مسمى الديوان الأول الديوان الذي يحمل اسم (حبٌ يحوم كبعوضة مُزعجة) ومسمى الديوان الثاني الذي يحمل اسم (أغوتني الهاوية) وذلك بهدف عدم التكرار.

 

أولاً/ التأملات الوجودية: -

تنضوي بعض النصوص الشعرية الواردة في الديوانين على تأملات وجودية عميقة، فالشاعرة تتأمل ما محولها من مظاهر الطبيعة والأدوات والأشياء وتُحاول مُقاربتها مع الحياة الإنسانية وذلك بتعميق احساسها بالوجود، فنجدها في الديوان الأول تقول: "هذا المقعد الخشبي الوحيد غُصنٌ مقطوعٌ من شجرة" ص21، تُحاول الشاعرة أن تتأمل هذا المقعد الخشبي الذي كان غُصناً حياً قُطع عن الشجرة الأُم وغدا ميتاً ووحيداً بعد أن جرى السطو على حياته وتحويله الى أداة وأصبح وحيداً وموحشاً كأنه يشبه حال أي كائن بما فيه الانسان الذي يتحول لرفاة وربما يُستعاد رفاته لتصنيع أداة استعمالية تُشبه حال هذا المقعد.

وتواصل في الديوان الثاني: "باردةٌ ووحيدة العُكازة التي مات صاحبها" ص120 فالعُكازة هي الأُخرى كانت مُجرد غُصنٍ جرى انتزاعه عن الشجرة غدا مجرد أداة ميتة وبعد موت صاحبها فان العكازة ماتت مرتين وغدت وحيدة ومهملة وباردة، لنلاحظ أن الشاعرة استخدمت تعبير الوحدة في النصين وهو ما يعكس هاجساً انسانياً ينطوي للحياة والموت والخوف من الوحدة الموحشة.

وفي ذات الديوان تتأمل هذه المرة القوس فتقول: "قدره الانحناء.. القوس" ص146 فالقوس أيضاً هو غصنٌ ميت ولكنه منحني ومتقوس، فالغصن تارةً مقعد وتارةً عُكازة وتارةً قوساً منحنياً وأيضاً وحيداً وبارداً كالمقعد والعكاز وربما أرادت الشاعرة مُقاربة انحناء القوس بانحناء بعض البشر وقبولهم بالذل والخنوع وربما أرادت تصوير حال المرأة وتشبيهها بالقوس المُنحني فهي مظلومة ومهضومة الحقوق في ظل مجتمع ذكوري أبوي تُعتبر المرأة فيه مُجرد أداة تابعة للرجل وقبول المرأة السكوت والاستكانة والذل فإنه يُشبه حال القوس المُنحني وهو ما ينطوي على احتجاج حزين على هذا القدر ما لم يجري تمرد للمرأة وثورتها على قدرها وميلها لحريتها الكاملة.

وفي نصِ آخر في ذات الديوان تتأمل الحجر هذه المرة الذي غالباً ما يكون وحيداً وصامتاً وموحشاً وقاسياً: "الحجرُ فكرةٌ جميلةٌ عن الصمت فكرة مرعبة عن الشعر" ص122 إن هذا الحجر الوحيد الصامت والساكن سكون الأموات لم يكُن يوماً كائناً حياً لكنه جاف وقاسٍ وصامت ومرعب وهو ما يدفع الشاعرة لتقول شعرها، فالشاعر يحتاج الى تأمل الحجر لصمته وسكونه وقسوته وجفافه ليكون ملهماً ومُحفزاً لنظم الشعر وتأمل الأبدية المرعبة، لكن الشاعرة لا تكتفي بتأمل الأشياء الميتة والجافة والجامدة وإنما تنتقل لتأمل المظاهر الطبيعية الحية فنجدها تهتف في الديوان الثاني: "النهر.. المرآة الأولى" ص85 فالنهر بعكس الحجر والمقعد والعكاز والقوس فهو ثائر ومتحرك وهو جاري وكأنه يُعبر عن الحياة وجريانها، فالماء هو النُطفة الأولى للحياة وربما تستبطن الموروث الثقافي الذي يجعل من الماء نقطة البداية كالآية القرآنية "وجعلنا من الماء كل شيء حي" أو تأثُر الشاعرة بالأساطير القديمة وحكايات الخلق والتكوين التي تحفل بها الأساطير القديمة والمُعتقدات التي جعلت من الماء عنصر البداية للخلق، أما النهر فهو بجماله والشجيرات على ضفافه وصفاء مائه وعذوبته وجريانه الدائم واسماكه إنما هو انتصارٌ لشجرة الحياة الخضراء.

وفي ذات الديوان تواصل الشاعرة تأمُلاتها: "يقولون الدنيا أُم لكنني لا أعرف من أي أبٍ أنجبتنا" ص116 إن هذا النص يعكس أهم التساؤلات الإنسانية الوجودية وشغف الانسان في سبر أغوار الغموض الوجودي، إنه سؤال الأسئلة المُستعصي على الإجابة منذ فجر الإنسانية السحيق فتستخدم الشاعرة فعل "يقولون" وهو فعل يختزل ما جاءت به الأديان والمُعتقدات والأساطير والفلسفات في محاولة الإجابة على سؤال العالم والوجود والطبيعة التي جرى تصورها كأُنثى أو كأُم أو رحم كوني وهذا التصور نجده في الأساطير والمُعتقدات القديمة وإلهات الأُم وربات الحُب والجمال وفي الملاحم الشعرية القديمة والعلوم الحديثة التي كثفت عن أسرار تطور الطبيعة التي هيأت الظروف لنشوء وتطور كيانات حية من رحمها الأُنثوي الشاسع، كما نجد أصداء هذه التصورات لدى التيارات النسوية الحديثة التي ترى في الطبيعة أُنثى أنجبت الأُنوثة، فالأُنوثة هي الأصل فيما الذكورة هي فرع للأُنوثة، وإذا كانت هذه التصورات وتأثيراتها كامنة في وعي الشاعرة فإنها جاءت بصيغة مُتفككة وحائرة وعاجزة عن الإجابة، لأن الأُم التي أنجبت الوجود تحتاج إلى أب، وإذا كانت هذه الأُم هي الطبيعة هي التي أخرجت الوجود للحياة النابضة فكيف تسنى لها الانجاب وحدها من  دون الذكر أي الخالق الفاعل الأب، فالشاعرة تبحث عن معنى خارج الوجود الفيزيائي المُتأين وهي تساؤلات مشروعة في الصيغة الشعرية والتي دأب عليها الشُعراء على غرار الخيام والمعري وعشرات الشُعراء في العصر الحديث في ضوء كشف الستار عن الكثير من أسرار الطبيعة وألغازها، ثم تنتقل الشاعرة الى المُربع الإنساني في تأمُل العالم والحياة والموت والتعبير عن الهواجس الإنسانية الوجودية منذ فجر الوعي الإنساني فنجدها في الديوان الأول تُعبر عن هذه الهواجس على النحو التالي: "لا أُريد أن أنتهي وكأنني قصة.. لا أُحبُ الحياة بهذه الطريقة" ص10 فالإنسان قصة تبدأ بالولادة وتنتهي بالموت والشاعرة تُعبر عن احتجاجها على هذه النهاية المأساوية باحثةً عن معنى للوجود وترفض التسليم بفكرة الحياة مرة واحدة فهي لا تُصدق ولا تُريد أن تُصدق أن هذه النهاية التراجيدية، ثم نجدها في ذات الديوان تتقبل هذه الحقيقة وهي تقول: "أنا صورةٌ آفلة على جدار الأبد وفكرةٌ عابرة على بال العالم" ص43.

فالإنسان مصيره الأفول والتلاشي وكأنه لحظة عابرة في الوجود قبل أن يطويه الموت في أبديته الصارمة ولأن الحياة كذلك فإنها تدعو إلى ارتشاف لذة الحية قبل مجيء لحظة الموت والفناء إذ تقول في ذات الديوان: "ارقص أيها الفتى تمايل في الريح كعشبة قبل أن تذبُل" ص34، علينا إذاً الاستمتاع والرقص والفرح وامتصاص رحيق الحياة قبل الذبول والفناء الأبدي، هذا النص يُشكل صداً لأشعار المعري والخيام، وتواصل الشاعرة تأملاتها في ديوانها الثاني بالقول: "العالمُ قطعة تربة هائلة وأنا ذرةُ غُبار" ص9 إن العالم الذي تقصده الشاعرة هو الوجود الكوني الشاسع وتجاوز الذات الإنسانية وأن الذات الإنسانية مجرد ذرة غُبار في هذا الكون الهائل، وهو ما ينضوي على تجاوز الشاعرة لذاتها وللإنسانية عموماً في تأملاتها الفلسفية التي ترى في الوجود الإنساني مجرد وجود تافه وصغير قياساً بعظمة الكون، وفي ذات الوقت تنطوي على وصول الشاعرة إلى حافة العدم إلى حالة من شبه اليقين بعبثية الحياة وعقمها.

وفي النصوص التالية في ذات الديوان تواصل الشاعرة تأملاتها في الوجود الإنساني وبلغة احتجاجه وتنطوي عن الشعور بالظلم والألم والقلق والتوتر والغضب ولا تبدو الشاعرة في هذه النصوص تُعبر عن الهلع وحتى تُعبر عن المرأة، وإنما تبدو النصوص تُعبر عن الذات الإنسانية لكل زمان ومكان، لنتأمل هذه النصوص: "رأسي كُرةٌ في ملعب العالم" ص20 "بعينين مصبوئتين أنظُر الى العالم" ص35 "العالم حالةً هائلة وأنا كأسُ نبيذ" ص40 "أنا لوحة سريانية على حائط العالم" ص45 "أنا عاملةٌ بسيطة في منجم العالم" ص71 "بشهية بالغة يقضم العالم تفاحة وجودي" ص105 "أكثر من اللازم يهمني العالم أقل من اللازم يهتم بي" ص127 "هذا العالم لا يصلحُ غرفة اعترافٍ لمرأة مُخطئة" ص150

إن هذه النصوص المُكثفة تعكس إحتجاج الشاعرة على العالم وقلقاً مما يجري في أرجائه، فهو عالم الحروب والظلم والقهر والاستغلال ولا مبالاة تجاه الفُقراء والمسحوقين، عالم عنيف وظالم واستغلالي وجشع ومُرعب تسودهُ شريعة الغاب ويفتقد الى العدالة والتسامح، فالأنا الشاعرة هنا تُعبر عن الذات الإنسانية وعلاقتها في العالم، والعالم بالنسبة للشاعرة كُل ما هو خارج الذات بحيث يبدأ من الأُسرة والمحيط الاجتماعي وينتهي بالكون، وبهذا تتأمل الشاعرة ما يجري معها على الصعيد الشخصي وتجاربها ومُقاربة ذلك بأحداث وتطورات ترقُبها الشاعرة من حولها وتُبدي إحتجاجاً قاسياً يصِلُ الى نتيجة بأن هذا العالم لا يصلحُ أن يكون غرفة لاعتراف امرأة مُخطئة لأن آثامه وخطاياه الكُبرى والهائلة أكبرُ هولاً من خطايا امرأةٍ، وبهذه المُقاربة فإن الاعتراف بالأخطاء وفقاً للتقليد المسيحي يحتاجُ الى رجُل دين يتمتع بالنقاء والطهارة وتقديم المُآزرة والنُصح والأخذ بيد الضُعفاء، وحينما يسود العالم الأحقاد والحروب ويتكالب على الضُعفاء ومنهم النساء فإن المرأة المُخطئة تُصبح أكثر طهارة ونقاء من رجل الدين الذي يفتقد لهذه السمات والسجايا، وكأن الشاعرة تستقطن حكاية مريم المجديلة التي اعترفت أمام يسوع المسيح وحشد من الناس بخطاياها فخاطب يسوع الجمهور قائلاً: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر" فلم يجدوا من يرمها بحجر لأنهم كلهم كانوا منغمسون بالخطايا وبالتالي فإن هذا العالم الغارق في الخطايا والرذائل لا يصلُح ولا يملك الحق في مُحاسبة أو حتى الاستماع لامرأة مُخطئة.

وتُواصل الشاعرة البوح عن أحزانها وهي تشكو وحشة العالم الذي تنكر للمشاعر النبيلة، ففي ديوانها الأول تقول: "أنا العاملةُ الأخيرة في منجم العالم.. قلبي إزميل لازال ينحت" ص44 تتماهى الذات مع المرأة كموضوع فالعاملة في منجم الحُب هي المرأة عموماً في ظل عالم جاف وقاسٍ تسوده الأحقاد والكراهية والبحث عن الحُب كقيمة إنسانية، وفي هذا الزمن يُشبه النحت في صخر، فهي لا تستسلم وتواصل البحث عن عالم آخر تسوده القيم والمشاعر النبيلة ولكنها تواجه المزيد من المُعاناة، وفي ديوانها الثاني تُعبر عن مُعاناتها على هذا النحو: "تدوسني قدمُ الموت.. أنا وردةٌ في رصيف الحرب" ص34 فالتجارب التي قاستها الشاعرة التي تُمازج بين الذات والمرأة عموماً وهي تتسلح بالمشاعر في ميدان الحياة فوقعت ضحية وفريسة لأنها ذهبت للميدان عزلاء دون سلاح سوى سلاح الحُب فهُزمت وأُهملت كوردة على هامش الزمن وهو ما تركها فريسة للقلق والوجود والوحدة والهواجس، فنجدها في ذات الديوان تتأمل ذاتها وتبحث عن معنى لوجودها اذ تقول: "وجودي الذي لا أُجيب به على أسئلتي صار سؤالاً" ص75 وربما مرت الشاعرة بظروف وتجارب قاسية وامتحانات صعبة ورافقتها آلاماً وأحزاناً كبيرة، فأرقتها وصدمتها بعض التجارب المُستعصية على فهمها فلاذت الى ذاتها تُناجيها وتسألها لماذا وكيف وإلى متى؟ باحثةً عن الأسباب والعوامل والدوافع التي حالت دون استقرار حياتها واكتنفت مسيرتها فعجزت عن القُدرة على الإجابة، وهذه الأسئلة والأُحجيات التي ساورتها ذاتها سؤالاً يحتاجُ إلى إجابة وتفسير، فهي لم تعُد تفهم ذاتها ولا تعرف ماذا وكيف توصلها رحلة الحياة إلى هذه المُنزلقات والمشاكل حتى باتت سؤالاً بلا اجابة، ثم تواصل الشكوى أم الوحدة وأن كل ما هو خارجها أن يُصغي إليها ولا يفهمها وأن ما يدور في ذهنها وما يُخالجها من مشاعر وأحاسيس لا يشعر به أحدٌ غيرها فتقول في بداية الديوان: "وجودي ذبابة لا يسمعُ طنينها أحدٌ غيري" ص129 لا أحد إذن يفهمها ويصغي لآلامها وهواجسها لكنها تُحاول مرةً أُخرى تلمس طريقها في دروب الحياة ومغادرة موقع الوحدة والانفتاح ستهتف قائلةً في ذات الديوان: "سأتوقف تماماً عن كوني امرأة غامضة.. سأفتح قلبي للعالم ليقرأني.. إنها النهاية وضوحي المُطلق" ص134 إذن هنا تبدو الشاعرة قد غادرت وحدتها وقررت الانفتاح ثانيةً على الحياة بعد انغلاقها مُدةً من الوقت، ستكون واضحة ولن تكون غامضة لأن الوجود والانطواء واحد من الأسباب الرئيسية لمعاناتها وأنها ستخوض تجارب الحياة من جديد، لكنها لم تلبث أن تعاود الغزل على ذات المنوال فنجدها تقول: "أنا غابة كثيفة من الأسئلة.. وما الإجابات إلا فؤوس حطابين" ص147 وهنا تصف نفسها بالغموض الشديد وتُشبه ذاتها بغابة الأشجار من الأسئلة التي لا يكشف الستار عن غموضها والعثور على حلول وإجابة هذه الأسئلة سوى التجارب القاسية والمريرة التي تُشبهُ الفؤوس وربما غموضها أوقعها بالمزيد من الإشكاليات الحادة وعدم التفهم من قِبل المُحيط، ولهذا تنتهي بالقول في ذات الديوان: "بإزميلٍ مكسور أنحتُ حجر وجودي" ص157، لنُلاحظ أن الازميل الذي استخدمته الشاعرة في كناية عن القلب وهي تنحتُ في منجم الحُب وإذا بها تكتشف بأنه إزميل مكسور وبها فإن المشكلة تكمن في إزميل أي قلب أي عواطف والمشاعر بينما كان يتعين عليها أن تواجه الحياة بعقلها لا بمشاعرها، وبهذا فإن قلبها الكسير هو من جعلها كتلة من المشاعر وأورثها الضعف والهشاشة.

 

ثانياً/ التشاؤم والحزن: -

إن تأملات الشاعرة في العالم والوجود كمعطى موضوعي فضلاً عن تجاربها الشخصية يبعثُ على الأسى والخيبات قادها الى التشاؤم على الصعيد الذاتي والشعور بالحزن والاختناق عبرت عنه في كلا الديوانين، ففي ديوانها الأول تُعبر الشاعرة عن أحزانها على النحو التالي:

"أنا القنديل الذي نفذ زيته.. أنا البئر الذي هجره الماء.. أنا الشجرةُ التي سقطت أوراقها.. أنا الوردة التي لم تعُد تتوهج.. أنا القصيدةُ التي تفتقد الى الدهشة" ص11+12 إن ما يجمع بين هذه النصوص هو الجفاف فالشاعرة تشعر بالجفاف والذبول والافتقاد الى المعنى غير أنها لا تكف عن ترداد هذه اللغة الحزينة في ديوانها الثاني:

"قلبي مرآة مكسورة" ص88

"قلبي تفاحةٌ فاسدة" ص102

"أمضغها بحزن أيامي النيئة" ص118

"كثيرة الثقوب في روحي.. وكأنني ناي وما أكتبه لحن حزين" ص133

"حياتي شجرةٌ تحط عليها عصافير الندم" ص148

فالقلب بات أشبه بالمرآة المكسورة التي لا ترى الحياة من خلالها بوضوح بل تراها قاتمة ومشوهة، والقلبُ أيضاً تفاحة فاسدة لما ينطوي عليها من العواطف المُتضاربة والمشاعر المُتناقضة أوصلها ربما الى حد الكراهية واليأس والملل والإحباط وباتت أيامها نيئة، فتجاربها لم تنضج لتتذوقها وتستمتع بها فبقيت نيئة ولا تشعرها بطعم الحياة ولذتها أما ثقوب الروح فمبعثها قلق الشاعرة وشعورها بتوالي الخسارات الفادحة كلما حاولت الانطلاق من جديد، فاستحالت حياتها الى شجرة تحط عليها عصافير الندم، وتأكد الشاعرة على هذه الخسارات في ديوانها الأول: "أنا امرأة خسارات كثيرة.. كلما قامرت على قلبي خسرت" ص57 وتُعيد التأكيد على هذه الخسارات في ديوانها الثاني: "ذاهبةٌ الى النوم.. فاردةٌ خساراتي.. كطاووس يفرد ذيله للمرة الأخيرة" ص10 ، إنها امرأة الخسارات الكثيرة خسارات تستعرضها وتعيد اجترارها كل يوم قبل النوم، كأنها تتلذذ باستعراضها فالمُراهنة على القلب هو السبب في هذه الخسارات لأن الشاعرة عاطفية ولا تُفكر بغير عواطفها إذ نجدها تحاول التخلص من هذه للإشكالية التي أوقعتها في إشكاليات عديدة فتقول في ديوانها الأول: "أُريد أن أخلع قلبي فهو ليس على مقاسي تماماً" ص17 إذن يتعين عليها ألا تُفكر بطريقة عاطفية وأن تكون قوية لأنها إن بقيت أسيرة لمشاعرها وعواطفها فإنها ستنالُ المزيد من الخسارات وستظل تائهة في دروب الحياة كما عبرت عن ذلك في ذات الديوان: "تتيه فيَ ولا أهتدي" ص58 فهي أسيرة للهواجس والحيرة وتقلب المزاج والتناقض في الخيارات وتواصل البحث عن ذاتها التائهة من دون أن تهتدي وتواصل القول: "أنا امرأة الطُرقات المُتشعبة أسير في بكامل رعونتي ولا أعرف  الرسوَ أبداً" ص59 فهذا القلق الذي تُعاني منه الشاعرة أوصلها إلى حالة من الضياع في الطرقات وتشوش حياتها وارتباكها ومع ذلك تواصل السير بكل جموح من دون بوصلة تُهديها ومن دون أية شواطئ تدنو أمامها لترسو عليها لتُعيد ترتيب ذاتها، غير أنها لا تستسلم لأن إرادة الأحياء تحثها على المُواصلة والوقوف من جيد حيث تهتف في ديوانها الثاني مُعبرةً عن هذه الإرادة بالقول: "ضحكتي التي مزقتها العاطفة.. أجمعُ نزقها وأصنعُ شراعاً" ص125 إذن هي لا تستسلم رغم أحزانها ودروبها المُتشعبة وقلقها وضياعها تُحاول استعادة روحها المُتشظية والابحار من جديد في بحر الحياة المُتلاطم الأمواج.

 

ثالثاً/ الشرفات والنوافذ المُطِلة على العدم والمعنى: -

إن الأوضاع القاسية التي عانت منها الشاعرة دفعتها للتساؤلات التي تُساور أية إنسان لماذا وكيف وأين وإلى متى؟ وهي تساؤلات لها ما يُبررها وتستمد شرعيتها من ظروف الحياة ومُلابساتها، فالشاعرة تبحثُ عن معنى لوجودها وعن مساحةٍ للأمان والاستقرار والسعادة فتجده في الحب وتُعبر عن هذا الشعور بطريقة شفافة وتُشبه ذاتها بالفراشة الرقيقة الناعمة التي تقترب من النار والضوء في تعبير مجازي عن الحُب، فالفراشة غايتها الانعتاق من خلال الاحتراق والذوبان بالنار، وبهذا فإن الفراشة وشغفها بالنار والضوء تُشبه المرأة وشغفها بالحب ففي ديوانها الأول تقول: "لم أكن أعلمُ بمكيدة الضوء حين صرتُ فراشة" ص23 فحين غدت الشاعرة فتاة بعد أن تجاوزت عهد الطفولة وباتت تعرف الحرب كما هو درب الفراشة التي يجلبها الضوء فتحترق فهي أيضاً من تعرف بمكائد الحب ومتاعبه ونيرانه وانجلبت الى جماله وبهائه قبل أن توصلها تجاربها أن تتحسس نيرانه ولظاه، ومع ذلك يستهويها الحب وتواصل الرقص حوله كما تواصل الفراشة الرقص قبالة الضوء: "حول النار ترقص الفراشة" ص33

وتؤكد ذلك مرةً أُخرى في ذات الديوان: "كفراشة أحوم حولك أيها الضوء" ص33 وتُعيد التأكيد على ذلك في الديوان الثاني: "كفراشة حالمة أطير نحو الضوء" ص38 إن إصرار الشاعرة على تجربة حب وما تنضوي عليه من إشكاليات ومتاعب كما ترقص الفراشة حول الضوء كأنها مسألة قدرية فكما هو قدر الفراشة مع الضوء هو ذاته قدر المرأة مع الحُب، فالحبُ يجذب المرأة الى سحره كما تنجذب الفراشة للنار فتحترق وتذوب رغبةً بالانعتاق النهائي والشاعرة تستخدم رمزاً آخر للحب هو النافذة والشرفة التي تطل من خلالها على الحياة، فالحب بالنسبة لها هو ملاذاً ليس بوسعها الحياة بدونه فنجدها في ديوانها الأول تقول: "ثمة شرفة في قلبي تُطِل عليه" ص7 إن هذه الشرفة هي شرفة الحب الذي التي تُشكل مُتنفساً واطلالةً للشاعرة وتمنحها مساحةً للحرية والارتياح والاستقرار النفسي والاحساس بجمالية الحياة فتواصل في ذات الديوان: "لا تكن لي بيتاً كُن لي نافذةً اطل منها على العالم" ص16 فهي لا تُريد الرجل مُجرد زوج ورب أُسرة وبيت لا ترغب في الحياة بين الجدران والأتراب إنما تُريد الرجل أيضاً حباً على شكل نافذة تُطل من خلالها على الحياة لأنها تُريد أن تتنفس عبر نافذة الحُب وتعيش الحرية، وحريتها تعثر عليها في الحب إذ نجدها تُضيف قالةً: "كان على قلبي أن يكون نافذةً كي يُدخل منه ضوءً يشبه الحب" ص65 وعلى ما يبدو لإن الشاعرة لاتزال أسيرة للقلق والهواجس الذاتية وترغب أن يتحول قلبها الى نافذة مفتوحة على الدوام ليدخل وهج الحب كما تدخل أشعة الشمس من النافذة، وفي ديوانها الثاني تواصل استخدام رمزية النافذة وتحصرها بالمرأة، فالنافذة تعبير عن لوعة النساء وهن يحتجبن في بيوت ولا يُتاح لبعضهن الخروج ومُغادرة البيت، ويتعين على هذه المرأة البقاء في حالة انتظار دائمة فيي عدة نصوص في صفة رفم 24 رسمت الشاعرة لوحة للمرأة وعلاقتها بالنافذة وهي في حالة انتظار وتنتابها مشاعر القلق واللهفة والحزن وكأن قدر المرأة الانتظار على النافذة فعلى هذه النافذة تقف المرأة العجوز في أواخر عمرها، وهي النافذة التي تقف عليها الأُم تُراقص أطفالها وهي ذاتها التي تقف عليها الفتاة العاشقة انتظاراً لمرور حبيبها، وهي التي تقف عليها المرأة الحزينة المُختنقة التي تبحث عن مُتنفس وتحلم بالحرية.

وفي نص مُكثف تقتصد الشاعرة النافذة ومعناها بالقول: "النافذة الجميلة ذات الألوان الزاهية التي فتحتها في قلبي تلك النافذة لن تُغلق أبداً" ص24 إن نافذة الحُب والأمل والسلام الداخلي والسكينة التي تود الشاعرة انفتاحها في القلب ولا تغلق اطلاقاً، إنها الحيز المُتاح أمام المرأة لممارسة حريتها وشعورها بالاستقرار مما تُعيد التأكيد على النافذة كمساحة للحرية في نصٍ آخر وفي ذات الديوان: "كنافذةٍ واسعة أُريد أن أنفتح على الضوء" ص42 إن هذا النص ينطوي على الشغف والتعطش للحب والحرية والانفتاح على الضوء يحمل مضمون الفكريتين (الحب والحرية) فالفراشة تعشق الضوء وتنجذب اليه كما أن النافذة المُطلة على الشمس هي رمز للحرية، وفي نصٍ آخر تعود إلى النافذة الصغيرة في القلب كتعبير عن الحُب حين تقول: "حدثتُ النافذة عنك فانفتحت" ص59 إن انفتاح النافذة بالكامل تعبير عن انفتاح القلب على الحرية والحب كأن الحُب هو الحرية المُطلقة التي تجد الشاعرة بها ذاتها، وبدون حب لا معنى للحياة والحرية فالانفتاح هو عكس الانغلاق، إنه انفتاح على الحياة ومغادرة حالة الغُزلة والانطواء والحزن إذا نجدها في الديوان الثاني لا ترهب بالانعتاق والحرية والانفتاح على الحياة فحسب وإنما ترغب بالتماهي بالحب لأن الحُب حياتها، وكأنها ترغب السقوط في هاويته السحيقة حب على شكل بئر أو هاوية ليس له قرار أن تقول: "عندما أراك أسقط في بئر الدهشة ولا أخرج" ص19 إنها الدهشة الجميلة والانبهار بالسقوط المُدوي في عالم الحُب ثم تستخدم تعبير الهاوية بدلاً من البئر في نص آخر: "أغوتني الهاوية عندما وقفت على حافة حبي تلك الشرفة العالية" ص57 فالحبُ أشبه بالشرفة العالية التي تُطل على هاوية سحيقة وجميلة ومُغرية للسقوط النهائي كما الفراشة وعلاقتها بالضوء والرغبة بالاحتراق والذوبان، وهي ذاتها علاقة المرأة بالحب وسقوطها في هاويته لكنها لا تُريد السقوط لهذه الهاوية بأي ثمن وإنما تبحثُ عن حب كبير ولائق وجدير بمغامرة السقوط في هاوية الحب فتقول: "أُريد تفاحةً هائلةً.. تفاحة تليق بهذا السقوط" ص128 فهي إذاً تبحثُ عن حب جدير بالسقوط بهاويته الجميلة وليس حباً عابراً أو سطحياً أو مُبتذلاً، إنها مُستعدة للمغامرة في حالة عثورها على حبٍ لائق يستحق التضحية والسقوط في هاويته السحيقة.

 

رابعاً/ الاعتداد بالنفس والحرية والثورة: -

لكن الشاعرة ليست مُبتذلة ولا تبحث عن الحب بأي ثمن فنجدها بالديوان الأول مُعتدة بذاتها وتستعرض مزاياها على النحو التالي:

"أنا امرأة حادةٌ كنصل السكين" ص25

"أنا امرأة عميقة كهاوية" ص26

"أنا امرأة قاسية كحجر" ص27

"أنا امرأة هشة كضوء" ص28

"أنا امرأة جميلة كوردة" ص29

تحاول الشاعرة المُفاخرة بذاتها من خلال استعراض مزاياها وخصالها كامرأة مُركبة وليست سطحية وساذجة، فهي حادة وقوية وليست ضعيفة، وعميقة وليست سطحية وقاسية وليست سهلة وهي في ذات الوقت هشة وبريئة وجميلة وليست مُنفرة، وبهذا جمعت كافة الخصال التي ينبغي أن تكون في مرأة فأبرزت مواطن ضعفها وجمالها وكل ما من شأنه أن يجذب الرجل إليها، ويحذره منها في ذات الوقت، وأنها ليس مجرد جسد وأداة للمتعة والاستغلال وإنما هي امرأة سيجد فيها الرجل سكينته وراحته ومتعته واستقراره وفي ذات الوقت لا يجدها هشةً وضعيفة يسهل استغلالها والقسوة عليها، فالشاعرة رغم هذه السمات لا ترغب بأن تكون مجرد جارية تحيا بين الجدران مُجرد امرأة تقف على النافذة وتعيش حالة الانتظار الدائم، وإنما هي امرأة حرة وفاعلة ومُغامرة وتعشق الحياة ففي ديوانها الأول تقول: "أُحبُ أن أركب أمواجك أيها البحر" ص54 فهي تعشق الحرية وتهوى المُغامرة وركوب أمواج بحر الحياة ولا تروق لها الحياة العادية والمبتذلة كما هو مألوف في حياة المرأة العربية التي تُصادر حريتها ويجري التعاطي معها كشيء مُلحق للرجل، ونجدها تُعبر عن شغفها للحرية بالقول: "لستُ إلا فرخاً صغيراً يُحاول أن يكسر بيضة العالم" ص66 وكما هي حتمية ولادة الفرخ من البيضة والخروج للحرية ترى الشاعرة بحرية المرأة مسألة حتمية لا بد منها وفي ديوانها الثاني تُحذر عالم الرجال ومجتمع الذكورة مُعبرةً عن روح المرأة وتحديها للثقافة الذكورية حين تهتف: "لا تستطيع أن تروضني لا تستطيع أن تحبس البحر في زجاجة" ص70 إن هذا النص ينضوي على تحدٍ وإرادة عالية وإيمان بحتمية الحرية وعدم إمكانية احتجاز حرية المرأة فهي تُعلن عن ثورتها وأنها ليست مُجرد امرأة حالمة سلبية متمنية في أن يتحول العالم من تلقائه لصالح المرأة بل هي مُتمردة بطبعها وثائرة وليست امرأة مُتذمرة تكتفي باجترار أحزانها وتبث همومها وإنما تسعى بكل قواها لنيل هذه الحرية فنراها تهتف في ديوانها الأول: "سأرمي حجراً لترقص هذه المياه الساكنة" ص35 وهي لا تستسلم وأمام هذا القدر من السكون والركود في القوانين والأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تُجحف بالمرأة وحقوقها باتت وكأنها قدر في حين تؤمن الشاعرة بأنها قيود تاريخية وليست طبيعية خلقتها الظروف والمُلابسات التاريخية حتى باتت وكأنها طبيعية تُشبه المياه الساكنة والمطلوب هو التمرد والغضب والثورة ونجدها في ذات الديوان تُعبر عن هذا الغضب الذي تقذفه في وجه العالم بالقول: "حجرٌ ناتئ في يدي أفج به رأس العالم" ص64 وتواصل في ديوانها الثاني استخدام ذات التعبيرات الدالة على الغضب والحاجة الى التمرد على العالم بالقول:

"بيدي الصغيرة سأصفع وجه العالم" ص14

"لو أنني حجر لكسرت مرآة العالم" ص89

"لو أن العالم سجرة حتماً سأكون نقار خشب" ص99

ثم يصل هذا الغضب بالرغبة بالتمرد على العالم ذروته حين تقول: "أنا الريح التي تحلم أن تصبح عاصفة" ص135 إنها الرغبة بالتحدي إنها الرغبة بالتحول الى رغبة عارمة من أجل تحويل العالم وتغيره لكنه في المُتاح أمامها لا تجد غير قلمها ومن خلال أشعارها وكتاباتها كأداة للتعبير عن ذاتها والمُساهمة في عملية التمرد والتغيير فتختصر ذلك بالقول: "كل ما أكتبه ليس إلا محاولة للخلاص" ص140 وبهذا تسعى الشاعرة من خلال الشعر والكتابة للوصول الى خلاصها وخلاص المرأة في نيل حريتها وانعتاقها فهي بهذه النصوص تُعلن عن ريح التمرد والغضب والرغبة بالتغيير وأنها تحمل طاقةً وقدرة على الفعل.

 

*****

 

بعد هذه الوقفة أمام نصوص هذه الشاعرة الشابة فإننا نجدها نصوص جميلة وشفافة وحالمة ولم تستجدي الرمزية والتجريد في نظم هذه النصوص وإنما استخدمت بالبساطة للغة الدارجة والعفوية ولم تلجأ الى التقليد والفزلكات والاختباء وراء المجاز واللغة الجافة والغامضة، كما أنها نصوص منسجمة مع شخصية الشاعرة بوصفها امرأة وشاعرة بذات الوقت ومنسجمة مع همومها واحتياجاتها وطموحاتها بذات الوقت تعكس روح التمرد والثورة والغضب وعدم الاكتفاء بما نالته المرأة من حقوق سطحية لا تُلامس إلا القليل من شغفها بالحرية وتحقيق انسانيتها الكاملة.