صفقة القرن "الحلقة السادسة" مؤتمر البحرين جسر للتطبيع أم الدعم الاقتصادي للسلطة

860x484

صفقة القرن
الحلقة السادسة

مؤتمر البحرين
جسر للتطبيع أم الدعم الاقتصادي للسلطة

 

من المُضحك أن تدعو واشنطن لعقد ورشة اقتصادية في البحرين لتحقيق الازدهار الاقتصادي في فلسطين في الوقت الذي تمارس فيه كل أشكال الضغط المالي لإخضاع السلطة، صحيح أن هذه الخطوة إعلان لإحلال الحل الاقتصادي كبديل للحل السياسي ومُوائمة خطواتها مع مشروع الحل الاقتصادي الذي يدعو اليه نتنياهو وحكوماته المتعاقبة، لكن في ثنايا هذا العنوان ما هو أبعد من ذلك، فهذه الورشة هي "بروفا" و"بيرومتر" لقياس مستوى الاستعداد العربي ولربما أيضاً بعض الأطراف الفلسطينية من رجال الأعمال.

وبلغة أدق ألوان اختبار تُبنى على نتائجه الخطوات اللاحقة هذا من جهة، ومن جهة أُخرى فهو خطوة لترسيم وتشريع الشامل لعلاقات النظام العربي الرسمي مع دولة الكيان الصهيوني، ومن جهة ثالثة فهو محاولة لإستخدام المال العربي للضغط على مركز القرار في السلطة و م.ت.ف لإخضاعها لمُقتضيات واحتياجات صفقة القرن، فأدوات أمريكا في المنطقة تُدرك أن أي مؤتمر أو لقاء لنقاش الوضع الفلسطيني لا يحضره الفلسطينيون لن يُكتب له الحياة، وعلى حد تعبير البعض "لا عرس بدون عروس"، والعروس في هذه الورشة هي فلسطين.

ومع أن خبرة أمريكا السياسية تُمكنها بيسر وسهولة من ادراك هذه الحقيقة في ذلك، فهذا لن يمنع أمريكا المتغطرسة من شق طريق تجاوز العنوان الفلسطيني الرسمي ومحاولة بناء بدائل للتشويش على الوضع الداخلي الفلسطيني، كما يهم أمريكا في الظرف الراهن بشكل رئيسي هو بناء الرافعة العربية لحمل صفقة القرن بما تعنيه من تطبيع شامل للعلاقات العربية الصهيونية وبناء إدارة التحالف العربي الصهيوني لمواجهة ايران والى جانبها محور المقاومة في المنطقة العربية، فضلاً عن العوائد الاقتصادية التي ستجنيها دولة الاحتلال وامريكا من تدشين هذا الطريق، والتطبيع سيُوسع الطريق للمجال الحيوي الاقتصادي لممارسة الكيان الصهيوني لوظيفته الإمبريالية وسيُعزز وضعه الأمني ودوره القيادي في المنطقة العربية، إضافةً إلى أنه سيُخفف من وطأة الضغط الدولي عليه بفعل تجاوزاتها وانتهاكاتها اليومية في حربها الشاملة ضد شعبنا، وربما توقع احتواء حركة المقاطعة الشعبية الدولية الآخذة بالاتساع.

في كل الأحوال فإن المطلوب من الدول العربية لإثبات مصداقية دعمها لنضال شعبنا وقضيته العادلة هو وقف التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني وسحب اعتراف بعض الدول بإسرائيل وقطع كل العلاقات معها، وسحب المبادرة العربية من دائرة التداول السياسي فقد فتح الاستعداد العربي للاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها وإن كان ذلك مشروطاً بشهيتها لتحصيل المزيد من التنازلات العربية، واليوم باتت هذه المُبادرة الوثيقة التي تُبرر هرولة النظام الرسمي لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، إضافةً إلى دعم نضال شعبنا التزاماً بالواجب القومي تجاه قضية فلسطين باعتبارها قضية العرب المركزية الأولى، كما تتناولها خطاباتهم السياسية، ولأن مُطالبة النظام الرسمي بتنفيذ هذه الالتزامات غير كافية فالمطلوب من القوى الشعبية العربية على امتداد الوطن مُمارسة دورها الضاغط على حكومات هذه الدُول لفرملة هرولتها نحو التطبيع والانخراط في صفقة القرن.

وفي الختام لا حاجة للتذكير بأن صلابة الموقف السياسي الوطني الفلسطيني الرافض لصفقة القرن ودعم هذا الموقف بتصعيد المقاومة ضد الاحتلال في كل محاور الاشتباك، كل ذلك سيُشكل رافعة لبناء موقف عربي شعبي صلب في مواجهة المؤامرة الأمريكية الصهيونية على شعبنا وأُمتنا.