النص الكامل لكلمة الأمين العام احمد سعدات بمناسبة الذكرى الـ48 للإنطلاقة

المصدر / الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

جماهير شعبنا،،

الرفيقات والرفاق ،،

نحيي هذا العام الذكرى الثامنة والأربعون لجبهتنا العظيمة. وفلسطين تزدهر بالانتفاضة والثورة والشهداء الذين أقسموا على دحر الاحتلال وتعبيد طريق شعبهم نحو جادة الاستقلال الوطني والسيادة والعودة، وصمموا أن تكون القدس وروابي الوطن مستودع لرص صفوف مناضلي شعبنا وشبابنا وقوانا خلف الانتفاضة المتصاعدة، لصيانة استقلالها وسيادتها على أراضيها وصد كل المحاولات الهادفة لإجهاضها وحرفها عن مسارها الطبيعي، وأهدافها المنشودة التي رسمها شباب الانتفاضة. وهي تمضي بثبات رغم التضحيات الجسام ورغم محاولات الاحتلال وقفها بقوة آلته الإجرامية وإرهاب المستوطنين.

أتوجه بالتحية إلى فتيان وفتيات وشبيبة شعبنا الفلسطيني القابضين على زناد الحجر والمولوتوف والسكين والبندقية.. وإلى أمهات وأخوات الشهداء والأسرى الذين زغردوا وهللوا لاستشهاد أبنائهم وصنعوا من معاناتهم ملحمة صمود وتضحية وعطاء استطاعت أن تفشل كافة برامج حكومة الاحتلال الصهيونية المدعمة بأحدث آلات القمع والدماء من كسر إرادتهم النيل من صمودهم. أحيي كافة أفراد شعبنا المتمترس في خنادق الصمود والمقاومة والانتفاضة في وجه الاحتلال الغاصب، والمصمم على بناء مستقبله الوطني وبناء كيانه السياسي والثقافي والانساني في إطار مجتمع إنساني عالمي تقدمي ينبذ التمييز العنصري بكافة أشكاله ومسمياته، وتحكم شعوبه علاقات قائمة على المساواة والمحبة والتعاون والتعاضد.

كما أتوجه بتحية خاصة للرفيقات والرفاق وهم يوقدون شعلة الانطلاقة الثامنة والأربعين لجبهتنا الشعبية.. الجبهة التي قدّمت ولازالت التضحيات. والذين يواصلون المسيرة، وحمل راية الكفاح وراية الشهداء والأسرى جيلاً بعد جيل.

كل التحية لجماهير شعبنا في الداخل الفلسطيني المحتل وهم يتحدون الإجراءات الصهيونية المتواصلة ضدهم والهادفة لطردهم من وطن الأجداد.. كل التحية لأهلنا في الشتات والمخيمات والذين أكدوا أن معاناة الإبعاد القسري عن الوطن الأم وآلام القهر والتهجير زادتهم ارتباطاً وتصميماً على قهر المعاناة والانتصار عليها، ليكونوا إلى جانب قطاعات شعبهم يراكمون إنجازات نضاله، ويعبدون طريق العودة إلى فلسطين كجوهر لقضيتنا الوطنية.

جماهير شعبنا حمّلة مشاعل الانتفاضة...

لقد جسدت الانتفاضة الحالة الطبيعية لشعبنا ومساره الحقيقي، وشكّلت رداً على ما يتعرض له من جرائم بشعة، وعملية قمع وممارسة عنصرية تستهدف طمس هويته الوطنية وحقه في الاستقلال والحياة الكريمة. وعليه وفي مقابل الدعوات للالتفاف على هذه الانتفاضة، أو تدجينها وتحويلها إلى خطوة تكتيكية للعودة لدوامة التسوية وتحت شعارات فضفاضة تحوّلها من مقاومة شعبية شاملة إلى مقاومة سلمية، فإننا نؤكد وانطلاقاً من مضامين مشروعنا التحرري الإنساني والديمقراطي، أن انتفاضتنا ومقاومتنا ضد هذا الاحتلال، نضال استراتيجي متواصل من أجل تحقيق حلم شعبنا في الاستقلال التام الذي يؤسس لولادة دولة ديمقراطية حقيقية غير عنصرية، تنبذ كافة أشكال التمييز والقهر وتنهي الصراع في فلسطين وحول فلسطين بطرد المشروع الصهيوني من جذوره وتستأصل كل عوامل الصراع والكراهية بين سكان فلسطين، وتؤسس لولادة نظام سياسي ديمقراطي يحترم كافة حقوق سكانه الفردية والجماعية والثقافية والمذهبية والقومية، وتكافؤ الفرص والمساواة على قاعدة احترام الحق الجماعي والفردي في التعبير عن الرأي والذات. دولة تشكل نتاج لعملية ديمقراطية شاملة يشارك في اختيارها كافة سكان فلسطين.

إن هذه الانتفاضة تشكّل مخرجاً للقيادة الفلسطينية المتنفذة من دائرة الإرباك والمراوحة والمراهنة على أوهام المفاوضات والتسوية بالرعاية الأمريكية. فالتفكير الذي ما زال ينظر للإدارة الأمريكية بشريك وصديق لشعبنا الفلسطيني، ويحاول تحييدها أو كسبها إلى جانب نضال شعبنا فهو تفكير منغلق لا يراعي حرمة الدم الفلسطيني الذي ينزف في شوارع الوطن. كما أن استمرار الانقسام والتعامل مع جهود إنجاز المصالحة بطريقة لفظية وليست عملية هو إهانة لشعبنا الذي يتطلع لطي هذه الصفحة السوداء. فقد أكدت الوقائع أنه من غير الممكن بدون الاحتكام إلى المراجعة النقدية الجريئة لمسيرة شعبنا السياسية والعمل على إعادة بنائها على قاعدة استخلاص العبر من هذه الأخطاء، وصولاً لدعم وإسناد الانتفاضة الشعبية، والثقة بقدرة جماهيرنا والطاقات التي تمتلكها على دحر العدوان وتحقيق النصر على المشروع الصهيوني.

وبدون توحيد طاقات شعبنا وتحشيدها في خدمة أهداف الانتفاضة، ستبقى معرضة دائماً للتذويب والإجهاض وللاستثمار السلبي، فثمة ارتباط موضوعي بين استمرارية هذه الانتفاضة وتصاعدها وبين الوضع الفلسطيني الداخلي واستقراره ونبذ الفرقة والانقسام وحالة التفرد، والتمترس خلف الوحدة الوطنية.

إن شعبنا الفلسطيني وهو مصمم على استمرار انتفاضته، متمسكاً بحقوق شعبنا الوطنية، فإنه يؤكد على موقعه الطبيعي المنسجم مع نضال القوى التقدمية الإنسانية العالمية في مواجهة قوى الاستكبار العالمية، والنضال من أجل الاستقلال والسيادة وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والتكافؤ، والمبني على اقتسام عادل للثروات، والذي تحكمه ثقافة إنسانية تؤسس للتعايش والسلام ونبذ الحرب وكافة أشكال القهر والاستغلال، وهي مبادئ سامية أرستها الجبهة الشعبية في نظامها الداخلي واستراتيجيتها السياسية.

في الختام، فإنني أؤكد لجماهير شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية وأحرار العالم، بأن الجبهة الشعبية ستبقى دائماً وفية لمبادئها وقيمها وأهدافها الوطنية والقومية التي جسدّها القادة الأوائل لحزبنا وعلى رأسهم القائد المؤسس الدكتور جورج حبش، والشهيد الرمز أبوعلي مصطفى، وغسان كنفاني، ووديع حداد، وجيفارا غزة، وأبوماهر اليماني، وربحي حداد، وشادية أبو غزالة، وجميع شهدائها من الشهيد الجبهاوي الأول خالد أبو عيشة حتى آخر شهيد جبهاوي ارتقى في ميدان البطولة والكفاح.

عاشت الذكرى الـ(48) لانطلاقة جبهة الكادحين.. ومعاً بالانتفاضة والمقاومة والوحدة ننتصر على الكيان الصهيوني الغاصب.

رفيقكم / الأمين العام

أحمد سعدات

سجن رامون

11/12/2015