اسطورة في الصمود في التحقيق، وبعد 30 يوم من اعتقاله استطاع الاحتلال ان يتعرف عليه

#فرسان_الإضراب: الأسير منذر خلف.. مُدرس الزنزانة وجنرال الإضراب

الاسير منذر خلف
المصدر / خاص مركز حنظلة للأسرى والمحررين

 لا يحمل مصطلح "الجوع" إلا صورة واحدة تتمثل في الوهن وبداية الطريق إلى الموت لكن الأسرى الفلسطينيّون جعلوا من هذه المفردة أيقونة نضالية خالصة لهم، يُقدّسها الجميع حتى عدوّهم؛ أحد هؤلاء الأسرى: الرفيق منذر خلف الذي يُعد أحد أعمدة إضراب الكرامة وانخرط مع رفاقه بتاريخ 17 نيسان عام 2017.

رغم أن الرفيق منذر أستنشق أنفاسه الأولى في دولة الكويت_21-2-1976 حين أبعدت عائلته عن بلدته الأصلية بيت دجن قضاء نابلس المحتلة بعد رحلة قاسية من التنقل عانت فيها العائلة. صاحب الباع النضالي لسنوات، عاد صبيّاً يحمل همّاً وشوقاً لوطنه الذي كان وقتها يغرق في الدماء إبان الانتفاضة الأولى.

المناضل الصغير والاعتقال الأول

لم تقف الـ12 عاماً التي كان يحملها الرفيق منذر وقت انتفاضة الحجارة عائقاً أمام عنفوان ذاك الطفل، فسجّل نفسه كأحد المشاركين والمؤثرين في أنقى انتفاضة شعبية عُرفت في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال.

 في عام 1988التحق الأسير في العمل الوطني إذ كانت الانتفاضة في أوجها واندمج في العمل الشبابي والطلابي في فترات مختلفة وكان من نشطاء العمل الشبابي على سنوات متتالية، إلى أن اعتقلته قوات الاحتلال  في ربيع 1995وهو على مقاعد اختبارات الثانوية العامة (توجيهي)؛ وطوال فترة التحقيق التي استمرت لشهرين لم يتفوّه منذر العنيد ولو بحرف واحد  إذ كان يحمل في جمجمته  عبارة أو ربّما تكون مثلاً أعلى له: "الاعتراف خيانة"، علماً بأنّه تعرّض طوال تلك الفترة لشتّى أنواع التعذيب، وعلى الرغم من صغر سنّه ونحافة جسده إلى أنه تحمّل ذلك مصمماً على مثله الأعلى.

منذر.. العسكري المرواغ

بعد خروجه من السجن استمر في عمله النضالي بعد تجاوزه لمراحل تنظيمية إلى أن  اشتعلت انتفاضة الأقصى، وهنا يضعنا الرفيق منذر على منعطف آخر من تاريخه النضالي.

 كان الرفيق منذر من أوائل المشاركين فيها  وجرى مطاردته من الاحتلال بزعم تنظيمه خلايا عسكرية تابعة لكتائب الشهيد أبو علي مصطفى ومن قبلها قوات المقاومة الشعبية، وتعرّض الرفيق لعدة محاولات اعتقال وعملية اغتيال بواسطة فتاة إلّا أن الحس الأمني العالي الذي لديه به حال دون ذلك.

الأسير العنيد

مع بداية عام 2002 نفّذ أرئيل شارون عملية "السور الواقي" لقطع رأس الانتفاضة والقضاء على نشاط المقاومة هناك؛ كان أبرز خطوات تلك العملية ملاحقة قادة العمل العسكري من مختلف التنظيمات وعلى رأسهم الرفاق في الجبهة الشعبية.

في عام 2003 أثناء توجّه منذر إلى إحدى القرى المجاورة لمدينة نابلس تم اعتقاله وهو يحمل هويّة مزوّرة ولم يتم التعرف عليه إلا بعد شهر من اعتقاله.

 وهنا سجّل الرفيق مرةً آخرى فصلاً من فصول التحدي والصمود إذ استمر التحقيق معه أكثر من  ثلاثة شهور بين عدة معسكرات تحقيق؛ أبى خلالها منذر العنيد إلّا أن يُجسد فكرة ومثله الأعلى: "الاعتراف خيانة"، بعد انتهاء فترة التحقيق حُكم عليه بالسجن 30 عاماً.

رغم ظلمة السجن وصلابة القضبان وتعنّت السجّان الصهيوني، إلّا أنّ منذر لم يتوقف في عطائه ونضاله؛ إذ عمل في معظم الهيئات التنظيمة وله نشاط داخل السجون وبصمة خاصة ومؤثرة في العمل التنظيمي كما أنّه كان مُقارعاً صلباً للسجّان.

منذر.. سيد الإضرابات والثقافة

 يقول أحد الأسرى المحررين: "طالما منذر أحد قادة إضراب الكرامة؛ فالإضراب سيتكلّل بالنجاح وستتحقق مطالب الأسرى". وتبدو هذه الشهادة دليلاً على أنّ منذر أيقونة بارزة في حكاية الإضرابات.

ويجدر التنويه إلى أنّ الرفيق منذر خاض أكثر من إضراب، منها  عام 2004 وإضراب 2006 وإضراب2011 وإضراب العزل  2012 وإضراب معركة الرفيق بلال كايد وإضراب الكرامة المستمر حتى صياغة هذا النص.

وبجانب صلابة الجسد والإرادة، يمتلك الرفيق واحة من العلم استطاع منها وبها أن يروي بها رفاقه في السجن؛ إذ شرع الرفيق منذر  بتعليم المعتقلين  بشكل منهجي باعتماد من جامعتيّ القدس المفتوحة وجامعة الأقصى، علماً بأنّه يحمل شهادة البكالوريوس  في الصحافة وإدارة الأعمال، كما أنّه يُعد رسالة الدراسات العليا "الماجستير" في جامعة أبو ديس وتوقّف عنها مؤقتاً بسبب الإضراب الذي يخوضه في زنزانته.